علي حسين
مرّة أخرى.. الإنجاز الأبرز لسياسيّي " الصدفة " أنهم نجحوا في تلويث الضميرالإنساني، بحيث صار هناك من يطرب ويشمت لخطف سيدة، ذنبها الوحيد أنها أحبت العراق وساندت تظاهرات شباب الاحتجاجات، بل إنّ البعض شعر بالنشوة لأنّ الألمانية "هيلا مويس" التي يطلق عليها أصحابها في بغداد اسم "هيله"، تحببًا ، لأن هذه المرأة الجريئة تتجول كل يوم بدراجتها ونحن بلد "المتقين"،
لعلّ ما جرى في هذه الجريمة الخسيسة يؤكد أنّ أشياء كثيرة لم تتغيّر، وأن هناك من لا يريد لهذه البلاد ان تستقر بدليل تكرار جرائم الخطف والاغتيال، وهي تكرار لجريمة اختطاف الإعلامي مازن لطيف، مثلها مثل جريمة تغييب الكاتب توفيق التميمي، وهي جرائم لا تختلف عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين الشباب، وقتل العديد من الناشطين ، فالذي حدث أنّ إنسانًا يفقد حريته، لأن البعض لا يرتاح له، ويزعحه منظره وهو يتجول بحرية وعفوية ، في الوقت الذي يغيب فيه القانون، وتصبح الأجهزة الأمنية مثل "خيال المآتة" ، إذا عرفنا أن السيدة الألمانية تم اختطافها بالقرب من مركز شرطة.
والآن سأعيد طرح سؤال مهم، ونحن نتابع صمت الحكومة ومعها القضاء أمام جرائم الاختطاف : هل يعرف العراقيون اسم المدّعي العام العراقي؟، هذا إذا كانوا سيُصدِّقون أنّ هناك منصبًا قضائيًّا اسمه الادّعاء العام. ثم إنني بكلّ صدق لستُ أعرف: هل اختطاف سيدة اجنيبة وسط بغداد لا يستدعي أن يركب السيد المدعي العام سيارته "المصفّحة" ويذهب إلى مكان الجريمة لمعرفة ما جري هناك؟، ولا بأس عزيزي القارئ أن تنعش ذاكرتك بأنّ المدّعي العام ربما لم يشاهد ما يعرض في الفضائيات ، وكيف أنّ حكومة عادل عبد المهدي اطلقت الرصاص على المتظاهرين ثم ذهبت لتستلم تقاعدها بكلّ حريّة! واريحية !.
إن مشهد خطف سيدة تقدم خدمات ثقافية واجتماعية للشباب وتحاول أن توصل صوتهم إلى العالم يقول إن أشياء كثيرة لم تتغير، وأن هناك من لا يريد أن نمضي نحو مستقبل آمن، والدليل جرائم الاغتيال أو الخطف التي دائمًا تسجل ضد مجهول، وهي تكرار لجرائم كثيرة ارتكبت وسترتكب في المستقبل وإن اختلفت التفاصيل والوجوه، فالذي حدث أن جماعة قررت ان تصبح فوق الدولة والقانون بمنتهى البساطة .
قد يعتبرني بعض الساسة الافاضل متآمرًا، لأنني دائما ما أقارن بين ما يجري في العالم وبين ما يجري من مهازل في بلاد النهرين ، وهي مقارنة لا تجوز لأسباب عدة ليس من بينها أن المسؤول عندنا أهم من المواطن، ولأنه لا توجد قيمة للمواطن في بلادنا السعيدة، إذ يمكن لأي قناص أو ملثم أن يقتل متظاهرًا، ولهذا لن يتطرق ساستنا الأفاضل لاختطاف السيدة الألمانية لأنها في نظرهم الآن ترفل في " العز "