علي حسين
لا تزال الدولة تأخذ موقف الحياد من عمليات الخطف، ودراجات كاتم الصوت. ليس ثمة شيء عندها سوى بيان تصدره وزارة الداخلية تحذر من أن الدولة لن تسمح بالفوضى.
تلحّ الدولة بكل أجهزتها على أنها حامية للمواطن، وأنها لن تسمح لأي جهة غيرها أن تمتلك السلاح، وأصبح شعار "السلاح بيد الدولة" مثل معزوفة موسيقية تعزفها الأجهزة الأمنية مع كل عملية خطف أو اغتيال.. أما البحث عن الجاني فهذه مسؤولية المواطن.. مضى على اغتيال الباحث هشام الهاشمي أكثر من أسبوعين، دون أن تعلن الدولة موقفًا من التحقيق.. ربما يسخر مني البعض ويقول: يارجل عشرات عمليات الاغتيال والخطف تمت خلال السنوات الماضية، والنتيجة ان الدولة تضع الملفات في احد الادراج ، مثلما وضعت من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة وجريمة سبايكر وملف قتل المتظاهريت ، ولهذا علينا ن نعرف جيدًا أن كل أعضاء اللجنة التي حققت في اغتيال هشام الهاشمي ، ذهبوا مطمئنين إلى النوم العميق، بعد أن أوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين. لا شيء تغير، إلّا مأساة أهالي الضحايا التي ازدادت هولًا وضخامة وفجيعة..
وأعتذر لأنني سأعود للحديث عن السيدة "هيلا ميوس" التي مر على اختطافها ثلاثة أيام .. وشاهدنا نحن المواطنين المغلوبين على أمرنا ومعنا أجهزة الدولة شريط الفيديو الذي يصور عملية الاختطاف والسيارات التي نفذت عملية الخطف.. والعديد من المسلحين الذين وقفوا بالقرب من مركز شرطة يرفع شعار "لا أرى.. لا أسمع .. لا أتكلم".
وأكرّر ما قلته سابقًا أن المسألة هنا تتعلق بفضيحة كبيرة: هناك أطراف تعرف جيدًا أن الدولة لا تملك سلطة معارضتها، ولكن هل يعقل ياسادة أن تُخطف امرأة جاءت لمساعدتنا؟.. أليس الأمر أشبه بعار سيظل يطارد هذه البلاد التي لا تحترم ضيوفها؟.. قبل سنوات وقفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وهي تواسي أكثر من مليون لاجئ هربوا من بلدانهم "المؤمنة" ومنهم آلاف العراقيين الذين لم تتحملهم بلاد أحزاب التقوى، لتقول السيدة ميركل للجميع: أريد أن أبعث الأمل في نفوس الحالمين بالطمأنينة والأمان، وشيء من الضوء.
آلاف العراقيين يعيشون في ألمانيا في ظل نظام يوفر لهم الرعاية الصحية والأمان والسكن، ولا أريد، وأعتقد أنني لا احتاج، أن أذكركم بأن مسيحيي بلاد الرافدين هجّروا من بيوتهم في بغداد والبصرة والموصل بسبب خطاب يومي منفر، مخيف، مقزز، ولا أريد أن أعيد السؤال مَن قتل الأيزيديين في بغداد؟، ومن كان يصر على محاصرة المسيحيين وإجبارهم على ترك بيوتهم؟
واعيد طرح السؤال بصيغة أخرى: لديك دولة يلقى فيها العراقي صنوفا من الاحترام والامان ، ولديك دولة لا تريد ان تقول : توقفوا عن هذه المهازل !!