علي حسين
لا تصلح شماعة الخروقات الأمنية هذه المرة لتبرير ما حدث من كوارث اختطاف وقتل، فمن الواضح تمامًا أن هناك من يدفع بنا بقوة ودهاء إلى أتون جحيم لن يسلم منه أحد، وعليه يجب أن ننتبه جميعًا إلى أننا الآن نواجه قوى تعتمد تكتيكًا يشعل حوادث هنا وهناك في إطار ستراتيجية منظمة لا تريد لهذه البلاد أن تستقر.
خطف المواطنة الألمانية، وقتل هشام الهاشمي وقبله اختطاف عدد من الإعلاميين رسالة تقول بوضوح إن كل الأمور يمكن أن يفلت زمامها في أي لحظة، فالواضح أن من يهمه إشعال الفتيل يوجه ضرباته بمنتهى الدقة من حيث اختيار التوقيت والمكان، وكأنه يريد أن يقطع الطريق على أي محاولة للبحث عن حلول حقيقية لجذور المشكلة، بإغراق البلاد في دوامات ودوائر عنف لن تنتهي.
بالأمس تسلل الخوف إلى نفوس العراقيين، وهم يرون أن العنف يطل برأسه من جديد. وازداد خوفهم وهم يتابعون صراع الساسة وخصوماتهم. ويوميًا يتسلل الخوف إلى نفوس الناس، يخافون على الوطن، بيتهم، وحياتهم، وذكرياتهم، فالخوف يبدأ تدريجيًا ويتصاعد حتى يتسع باتساع مدن الوطن وساكنيها، إحساس الناس بأن القاتل والخاطف يسكن بالقرب منهم، ويهدد أمنهم ومستقبلهم.. داعش تحلم بالعودة، وجهابذة الطائفية يبحثون عن نقاط ضعف يدخلون منها، وما أكثر نقاط الضعف في وطننا. فالوطن في خطر، وليغضب كل الساسة الذين يزوقون خطبهم بعبارات الاطمئنان، فأغلب الناس غاضبة، برغم أن الغضب قليل أمام ما يحدث، الناس تريد مسؤولين يلتفتون إلى ما يحدث داخل البلاد، ليتأكدوا من أن المشاكل اتسعت ولا يمكن رتقها.
نقاط الضعف في حياتنا كثيرة، ومنتشرة، ولن يجد الإرهابيون ومعهم الجماعات المسلحة فرصة أفضل من هذا الوضع كي يحاولوا اختراقنا، لذا لابد من صرخة حتى يفيق الجميع، الناس تعيش حالة من الاحتقان الدائم، من الكراهية للعملية السياسية، من الإحساس بالظلم.. فقراء بلادي مظلومون، الشباب يضيعون في بحور البطالة، والنصابون يزدادون ويتاجرون بأحلام وأموال الناس، والخصومة تزداد بين أشباه السياسيين أنفسهم، وبينهم وبين عامة الشعب، وبين المسؤول والمسؤول، أصابع خائنة تشعل نار الفتنة الطائفية، والتحريض على العنف وصل إلى أقصاه، والناس حائرة بين أن تصدق وعود الساسة أو تكذبها، الإنسان لم تعد له قيمة، كل شيء قابل للاشتعال، والحكومة تصرف من ميزانية الدولة على مشاريع لم يشعر المواطن بأهميتها، والاستثمار مشبوه، ولا أحد يعرف أين تذهب المليارات، ولماذا يعيش الملايين من الناس تحت خط الفقر؟.الصمت أصبح شعار المرحلة، الوطن "يكره بعضه بعضًا"، لذا لا بد من أن نخاف جميعًا، فالخوف يسكن بالقرب منا.