علي حسين
الحمد لله استطاع شارلوك هولمز العراقي أن يجهض المؤامرة التي قادتها الإمبريالية والماسونية للتجسس على هذا الشعب، وتشويه صورة "قادتنا الأفاضل" الذين حوّلوا العراق إلى واحد من بلدان العالم العجيبة في مجال البناء والعمران والخدمات والسياحة والتنمية، مؤامرة تقودها سيدة ألمانية ضحكت على عقول الشعب بدراجتها الهوائية.
منذ يومين ونحن نعيش حالة من الاستنفار في مواقع " تويتر وفيسبوك "أصابت البعض من الذين حذَّروننا من التمثيلية التي قامت بها الجاسوسة الألمانية، عندما صورت ومنتجت فيلمًا عن عملية اختطافها، وأخبرنا لفيف من ناشطي الجيوش الإلكترونية بأنّ هيلا ميفيس لم تكن مواطنة ألمانية، وإنما هي ضابط يعمل في جهاز الموساد الإسرائيلي هدفها تشويه صورة "المناضل" عباس البياتي لأنه يملك أكبر رصيد في قلوب العراقيين. ولكن بفضل يقضتنا الأمنية استطعنا أن نكشف المؤامرة التي أراد المرحوم الشاعر غوته "الماسوني" أن ينفذها في العراق.
ولعل أول ما لفتني في هذه الحكايات، التقرير الذي نشره أحدى المواقع الإلكترونية وبعنوان مثير: "القصة الحقيقية للجاسوسة الإسرائيلية هيلا ميفيس في العراق"، ومن العنوان يبدو أن صاحب التقرير يتعاطى أشياء ممنوعة. فقرر منافسة المرحوم آرثر كونان الذي اخترع لنا شخصية المحقق شارلوك هولمز. كونان كان بارعًا في الإثارة وفي الأسلوب الساحر الذي ينسيك أن الحكاية من أولها إلى آخرها مجرد خيال، والغريب أن السيد كونان حصل أثناء حياته على أعلى الأوسمة، ومعها ثروة وضعته في مصاف أغنياء بريطانيا، إلا أن أمه ظلت لم تصدق أن ابنها الذي فشل في الطب يمكن أن يحظى بمقابلة الملكة فكتوريا، ومات كونان وهو يحصد ثمار الشهرة والنجاح، ولم يكن يعرف أن في هذه البلاد من يريد أن ينافسه في قوة الخيال.. ولنواصل حكاية شارلوك هولمز العراقي، حيث يخبرنا أن هيلا ميفيس دخلت بغداد من دون جواز سفر ولا وثائق رسمية، وخلال السنوات الثماني التي عاشتها في بغداد، لم تكن السفارة الألمانية تعرف أن هناك مواطنة ألمانية اسمها "هيلا ميفيس" تقطع شوارع بغداد بدراجة هوائية، وتلقي دروسًا في معهد غوته الألماني، وطبعت عددًا من الكتب لقاصات وشاعرات عراقيات بتمويل من السفارة الألمانية.. بل إن السيد آرثر كونان العراقي يذهب به الخيال بعيدًا فيقول إن هيلا ميفيس كانت معجبة بفيلم إسماعيل ياسين "طاقية الإخفاء" ، فقررت أن تصنع لها طاقية خاصة بها ظلت تضعها على رأسها لمدة ثمان سنوات.
منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من روايات المفتش كونان الغامضة، وكان العراقيون يظنون أن التغيير سيجعلهم يعيشون عصرًا جديدًا من الأمان والرخاء، ولم يكونوا يتوقعون أنهم سيقرأون ا حلقات شارلوك هولمز العراقي ، والذي لم يتوقف يومًا عن إتحافنا بكل ما هو بائس ومثير للضحك .