TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أي طرطرا

العمود الثامن: أي طرطرا

نشر في: 26 يوليو, 2020: 09:27 م

 علي حسين

الإنسان أولاً..قالها عظيم الفرنسيين فولتير ، وأعتذر للقرّاء الأعزاء ، كثرة الاقتباسات من الكتب ، وكان غريمه جان جاك روسو يجد أن الدولة العادلة هي التي تحترم قيمة الحياة ، عاش فولتير مطارداً ، ومثله روسو ، لكن بعد سنوات حمل رجال الثورة توابيت روسو وفولتير على الأعناق ليدفنوا في مقبرة العظماء .

تمر هذه الأيام الذكرى الثالثة والعشرون لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لسانا ودما وكيانا، صاحب أخي جعفر، وآمنت بالحسين، وقلبي لكردستان، تمر ذكراه وسط صمت حكومي بامتياز. فكان التجاهل، ونكران الجميل، والنسيان لشاعرنا الذي نتمنى عليه أن لا يغضب ولا يحزن لأننا اليوم نعيش عصر أمراء الطوائف والمحاصصة البغيضة والبحث عن الغنائم، عصر المحسوبية والانتهازية، والنواب الذين يتهالكون على الامتيازات أكثر من تهالكهم على حضور جلسات البرلمان، عصر وزعت فيه رواتب تقاعدية لسياسيين أمضوا تسعة أشهر في الخدمة قضوها بين مصايف لبنان وأبراج دبي. أيها الشاعر المكافح في سبيل عراق حر وديمقراطي، دعاة الديمقراطية اليوم تناسوك لأنهم مشغولون بمعركة كسر العظم، كما أنك يا سيدي لا تنتمي إلى حزب من أحزاب هذا الزمان، ليجبر مؤسسات الدولة على الاحتفال بك. ثم إن ذكرى رحيلك تصادف في تموز وهذا شهر يتشاءم منه ساستنا بكل طوائفهم، 

هناك أشخاص يحفرون أسماءهم في ذاكرة شعوبهم ، وقد نختلف أنا وأنت في تقييمنا لشخص ما ، لأن الأمر يتعلق مرة بالعواطف ، ومرات أخرى بالمصلحة ، ومرّات كثيرة بالتعصب ، لكن لايمكن أن نختلف على أنّ الجواهري ولد ومات وهو يمثّل جوهر الوطنية العراقية ، حيث تجمعت في شعره وحياته ومواقفه كلّ أفراح العراقيين وأحزانهم ونضالهم من أجل الحرية والخير والعدالة الاجتماعية .. ولا أعتقد أن الجواهري بحاجة الى شهادة تثبت وطنيته ، ولهذا سأعود للحديث عن معركة النشيد الوطني ، سيقول قارئ عزيز : لماذا يارجل تستغرب ونحن نعيش بلاد لا تزال حتى هذه اللحظة لاتحتفل بعيد وطني ، وأنا وأنتم نعرف أنّ في كل دول العالم هناك يوم وطني يمثل الحدث الأبرز في تاريخ هذه الدولة، إلا في هذه البلاد التي يستكثر عليها البعض أن يكون لها يوم وطني

وفى النهاية إسمح لي بأن اقول لك أيها الجواهري الكبير، عفوًا هذا ليس زمانك وبالتالي لا تحزن منا على هذا التجاهل، فنحن ما زلنا نعيش عصر الطرطرا الذي وصفته أبلغ وصف،"أي طرطرا تطرطري تقدمي تأخري تشيعي، تسنني، تهودي، تنصري ، أي طرطرا إن كان شعب جاع أو خلق عري ، أو صاح نهبًا بالبلاد بائع ومشتري" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Nad

    احب مقالاتك الرائعة وانتظرها مقالات تدمي القلب بالرغم من اسلوبها الكوميدي إلك الله يا عراق

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram