الرئيسية > آراء وأفكار > سنوات المدى ..ذاكرة لاتستسلم!

سنوات المدى ..ذاكرة لاتستسلم!

نشر في: 8 أغسطس, 2020: 06:23 م

 عامر القيسي

يقول علماء النفس إن قدرة الإنسان على النسيان تمنحه فرصة الحياة خارج ضغوطات الماضي . حاولت أن اتظلل بهذه المظلة السيكولوجية كي أنجو من ذاكرة عملي في المدى ، إلا أن قوة حضور تلك الأوقات كانت أقوى وأشرس من مخرجات علم النفس بالتخلص من ذاكرة على مافيها من مرطبات الحياة أو خشونتها ويبوسها !

عملت فيها ،والحقيقة الأكثر تعبيراً ، إنتميت إليها والى أسرتها ، عام 2004 وماغادرتها إلا عام 2012 إلا عن كراهة كما قال الكبير الجواهري ، ولم استجب حتى لنداء الكبير فخري كريم برسالته التي قال لي فيها " المدى بيتك ومفتاحها بيدك " وكم حاولت الانحناء أمام هذا الموقف النبيل المحب الراقي ، إلا أن الذي كان في رأسي أكبر من كل كبارة هذا الموقف !

دخلت إليها وجلاً بعد انقطاع 13 عاماً عن الكتابة و تعرفت فيها على أناس من نمط مختلف حقيقة ، أناس يحبون وطنهم ويبكون عليه .. يحبون الحرية بقدر كرههم للدكتاتورية ..أناس يريدون أن يستنشقوا أكبر قدر من نسيم الحرية الجديد علينا ،كما لو إنهم يخافون أن تفلت منهم لحظة الحرية التي ساقتها إلينا الأقدار في لحظة الاستسلام للدكتاتورية وفجائعيتها ..وصدق حدسهم الى حد كبير ، إن لم تكن تلك اللحظة قد تسرّبت من بين أناملنا كما في حلم قصير جداً !!

أجزم أن زمنها عصيّ على النسيان للمنصف بحقها وحق نفسه ، دخل إليها شباناً يفورون بالهمّة وحب المهنة مع قلّة التجربة في هذا المسار الخطر ..جديدون على عالم الكتابة وتخرجوا منها كتّابا يشار إليهم بالكفاءة والاحترام ..

دخل اليها كتّاب كبار ثم فارقوها على كراهة أيضاً، لكنّهم بقوا في دائرتها يشتاقون إليها كما يشتاق حبيب لحبيبته ، لأنها حافظت على صداقاتهم وبقيت أبوابها مفتوحة لهم ومفاتيحها بيدهم ..كيف يكون الحب ؟

ذاكرة المدى من نمط خاص والارتباط بها ليس مهنياً فحسب ، فيها أصدقاء من طراز خاص أيضاً ومساحة حرية الكتابة فيها واسعة كالسراب لكنه سراب من النوع الذي تستطيع أن تتلمسه بيدك ولايخدعك بريقه ..

دخلت إليها محققاً صحفياً وغادرتها مديراً للتحرير ، وفي كلا الموقعين كنت أنا أنا وهي هي ، والسبب بكل بساطة لأن صداقات العمل وقيمة الكتّاب فيها تقطع الطريق على المسميات إلا مسميات الاخلاص للمهنة ومواجهة مخاطرها وعشق نسيم الحرية الطارئة علينا !

ليس هناك مايقال أكثر من أن العمل فيها ليس سهلاً والخروج منها صعب والعلاقة معها من نوع الزواج الكاثوليكي وإن تم الفراق أمام قاضي القضاة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram