بعث اتحاد موسيقيي بيلوروسيا شريطاً موسيقياً ألفته فتاة شابة بمناسبة مرور مئة عام على ميلاد تشارلي شابلن وترجو الفتاة في رسالتها ان يسمع المحتفلون بهذا العيد هذه المقطوعة وما كان مني الا ان استغل هذه الفرصة كي التقي مع يوجين بن شارلي شابلن.
ها أنا على مسافة مئة كيلو متر من برن في فيفه حيث دار شابلن، والان عندما اتذكر المشهد لا اصدق كيف استطعت وانا على عكازين، اذ وقعت قبل فترة عن الدراجة بذل جهد كبير لتسلق سور بارتفاع مترين كي ارى، بعيني الاثنتين تلك الاماكن التي عاش فيها شابلن العظيم، وما اشد رغبتي وقتذاك، كي اتأمل الحديقة واحول تصور الجو الذي قضى فيه شابلن ربع قرن من عمره بسعادة غامرة. ومن جهة الشارع جدار يذكرنا بجدران قلعة قروسطية والسور ايضا وعلى البوابات الحديدية السوداء والضخمة ذات المقابض المعدنية والملونة مكتوب ما يلي: "ممنوع الوقوف!كلب شرير". ولكن مع كل ذلك كنت مفعمة بالامل بحدوث اعجوبة حيث ستفتح البوابات وسأدخل الى الحديقة وسأحس بأريج الورد والعشب الطازج وسأسمح صرير الجنادب وحفيف الاوراق المرئية على الاشجار غير العادية وسوف ارى تلك المهرولة الى صديقتها النمامة كي تشي اليها عن شيء ما، ومن هذه المهرولة؟انها ليست سوى كرات الثلج، فهي قد رأته في كل الاوضاع ، حزينا ومرحا ، مريضا متوعكاً، وربما كانت شاهدة عين لعذاباته والامه وشكوكه وتأملاته عن حياتنا الارضية الزائلة..نعم كان بإمكانها ان تروي الكثير من القصص عنه الا انها تمييز عن البشر، تلوذ بالصمت تحفظ الاسرار. تمكنت من رؤية المرج الاخضر الذي كانت تشع فيه شجرة غرائبية هائلة اشبه بملكة الملوك.. وبدأ للعيان من خلال الشعاع بين الاشجار جزء من البيت بباب مفتوح قليلا، وخرجت منه سيدة ترتدي ما يوحي بالصرامة وبمرافقة عدد من الاطفال.. ربما كان هذا هو المنزل الذي تعيش فيه أونا، واما البيت الذي تطل جدرانه على الشارع فهو للخدمات. حاولت تخيل هيئة شابلن، غير الضخمة بجانب شجرة عملاقة، ولكن ماذا رأيت؟ ظلالا اسطورية للاشجار المترامية على ممر واسع واحسست بغموض سكينة الحديقة الكبيرة واصغيت الى الاصوات المسكرة للعصافير المفردة، وبدا لي وفي لحظة خاطفة، انني اقتربت من ملامسة الشيء الذي منحه الالهام. تقع دار شابلن مانوار – دو بان "على بحيرة جنيف في قرية كورسيه – سيور –فيفه. فهنا ربي شابلن ثمانية اولاد وكتب مذكراته وفارق الحياة عشية عيد الميلاد وهو عامه الثامن والثمانين ، حدث هذا في عام 1977. يروي صديق العائلة رولف نييه عن تلك اللحظات: عندما عرفت من انباء الصباح خبر رحيل شابلن أحسست أنني فقدت فرداً من افراد العائلة فخابرت اونا، وقد رجتني ان اتي لحضور مراسم الدفن، كانت أونا واثقة بأن شارلي كان يود بذلك، وأنا كنت الوحيد الذي يقف جنباً الى جنب الى جانب افراد اسرة شابلن، والتأم شمل المئات من الصحفيين والمصورين في كورسيه، وكان الحشد البشري يحاصر العزبة من كل الجهات. وفي العزبة مقبرة صغيرة، وكان المطر يهطل ، والجو من حولنا كئيب ، وثمة ما يضغط على الصدر وفي النفس، فهي لم يدعو شابلن يخلد الى الراحة حتى بعد ان واروه التراب، وقد تم تخريب الضريح وتدميره... لقد زرنا ضريح شابلن في القمبرة (كورسي) وكانت مفروشة بالورود البيضاء والوردية، والنصب عبارة عن بلاطة والى جانبه مقعد وهناك فتاة بعيون شابلينية تضع وردة في كأس عليها منقوش: "شارلي من جودي". وحسب محياها فهي ابنة الاربعة عشر ربيعا، لايبدو انها موجودة موجودة بمحض المصادفة ، فهي ليست مجرد معجبة بالفنان العظيم، ربما كانت واحدة من حفيدات شابلن؟ وفي مكان غير بعيد عن المقبرة، في حديقة البلدية وعلى القاعدة الحجرية السوداء، توجد عصاة شارلي وطاقيته وحول التمثال ورود وفساحة. وفي تجوالنا في ارجاء المدينة لم نجد ملصقات عليها بورتريه شابلن الا في واجهتين او ثلاث، وهذا فقط عندما تم الاحتفال بميلاده المئوي ، وفي ساحة شارلي شابلن والتي كما لو كانت بحيرة جنيف تعانقها ثم رفع الستارة عن النصب التذكاري لمناسبة مرور مئة عام على ميلاده. النصب التذكاري هو قبل كل شيء تذكار وذاكرة، واعتقد انه ينبغي ان ينقش ماهية الانسان وجوهره وطبيعته وسماته الفرديه وروحه، واما هنا فتوجد الصفات الخارجية وحدها، الطقم والعصاة والطاقية، واسفاه! تقع ساحة شارلي شابلن على مسافة خمس خطوات من فندق التيجان الثلاثة الذي تحدد موعد اللقاء فيه مع يوجين. التقينا في الموعد المحدد، كنت مضطربة للغاية اذ لا نوهب مثل هذه اللقاءات في كل يوم ، كيف يبدو ابن شابلن؟ هل هو يشبه اباه؟ هل سأعرفه؟. في بهو الفندق جيشان وصخب: بشر وكلاب بل حتى قرود برفقة اصحابها المهمين وهنا، ايضا السعاة والحمالون ينقلون في العربات الحقائب من كل الاشكال والانواع والالوان والحجوم. وفجأة اسمع من الخلف صوتاً فتياً موجهاً نحونا فألتفت وأرى شابين، احدهما اشقر طويل القامة وانيق للغاية، كلا انه ليس هو والثاني اسود الشعر بعينين زرقاوين ساطعتين ، نعم! هو الفتى شابلن. جلسنا في ال
صحفية تحاول اكتشاف لغز شابلن في لقاء مع ابنه يوجين
نشر في: 14 مايو, 2010: 04:26 م