عامر القيسي
أغرب ما في هذي البلاد الغريبة هي نجاة القتلة من العقاب ، والأغرب إن قارب النجاة مؤسسات حكومية تحت ضغط حماة القتلة أياً كانت التسمية ، والمثير للدهشة ان مايطلق عليهم " الطرف الثالث " أو " المجهول " أو " المندس " معروفون للناس حتى بالأدلة ، المصورة ، ومع ذلك يبقى القاتل طليقاً أو يصبح طليقاً بعد أن يقضي فترة استجمام في سجن من سجون البلاد !
منذ اغتيال كامل شياع وحتى اغتيال هشام الهاشمي مروراً بكوكبة من النشطاء وحملة الرأي الحر الذين اغتالتهم رصاصات الغدر المعروفة الهوية والاتجاه والمصدر، عجزت الحكومات المتعاقبة عن معرفتهم فيا للعجب!
المخطوفون والمغيبون قضية إنسانية وجريمة مكتملة الأركان ..ومع ذلك جناتها طلقاء في أرض البلاد !
ضحايا جريمة سبايكر هي الأخرى يسدل الستار عليها وكأنها لم تقع ..
ضحايا جامع مصعب بن عمير في ديالى نهضوا من قبورهم وهم يرون قتلتهم طلقاء أيضاً تحت سمع ومرآى السلطات ..وأي سلطات ..وكيف تحول قرار إعدام القتلة الى اطلاق سراح بعد خمس سنوات من السجن المحسن !!
الجريمة الكبرى بسقوط محافظات عراقية بيد الإرهاب الداعشي ، ومع ذلك أيضاً لايكشف عن مسببيها وهم في موقع المسؤولية ، والتقرير البرلماني على هشاشته وعدم دقته وتجنبه الإشارة الى المسببين ، مازال في أدراج الحكومة والبرلمان معاً !
أهالي ضحايا عبارة الموصل غسلوا أياديهم من التحقيق والمحققين والنتائج وعقاب القتلة أيضاً !
وملحق الجرائم الكبرى بتصفية الإيزيديين وسبي نسائهم ، والإجابة على السؤال الكسير ..من فعل كل ذلك؟
ولك ما تشاء أن تُعدّد وتصف وتستذكر أكواماً من الجرائم الفردية والجماعية ، من الاغتيالات والاختطافات والإبادات والتصفيات والتغييبات ، لتجد نفسك في دهليز المقتول المعروف والقاتل المجهول .
جرائم مرتكبوها أحرار ..يتجولون بيننا وأمام أعيننا ويدهم على الزناد دائماً ، فهم الأعرف بالجرائم القادمة التي سيرتكبونها بدم بارد ثم يعودون الى بيوتهم وهم يستمعون الى نشرات الأخبار التي تتحدث عن مسلحين مجهولين في طول البلاد وعرضها !
جرائم أنتجت لنا بما لايعد ويحصى من الأرامل والأيتام والنفوس الكسيرة والفقر وغصة ضياع العدالة في بلد كتبت فيه أولى ألواح القانون في العالم !
ربما يعتقد السيد الكاظمي إن مداراة ذوي الضحايا بإمتيازات الشهداء ومعالجة الجرحى حتى يوم الدين ، ستعفيه من المهمة النبيلة الأولى إلا وهي الكشف عن القتلة وأحالتهم الى سوح القضاء ..!
المهمة التي وعد بتحقيقها وهي من أولويات مطالب ثورة تشرين التي قدمت اكثر من 500 شهيد و30 ألف جريح يعاني نصفهم من إعاقات دائمة !
لاصُلح بين القاتل والقتيل حتى تحقيق العدالة في الاقتصاص من المجرمين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء من الرجال والنساء والاطفال والشيوخ حتى لاتبقى غضة الظلم في صدور ذوي الضحايا ، بل والضحايا أنفسهم وهم في قبورهم الضيقة !