علي حسين
عندما تقرر عشيرة أن تستخدم الهاونات والأسلحة الثقيلة وتقتل الناس الأبرياء من دون ذنب ، من أجل نزاع عشائري ، وبصمت وخوف من الأجهزة الأمنية، وعندما تشاهد صورة قائد عمليات البصرة وهو مسرور وتبدو عليه السعادة لأن عشائر في الزبير وافقت على أن تعلن هدنة وسحبت هاوناتها ومسلحيها من الشوارع،
وعندما تجد المحافظ يترك شؤون المحافظة ويذهب للتسامر مع شيوخ العشائر ثم يلتقط صور سيلفي لموائد الطعام التي تذكرك بولائم قريش في فيلم الرسالة، وعندما يلجأ المسؤول الحكومي لقانون "الكوامة العشائرية"، وعندما يصلب طفل بعمر ١٤ عاماً بعد تعذيبه ، وتليقه مثل الذبيحة في الشارع .عليك عزيزي المواطن أن تدرك أنك لا تعيش تحت ظل دولة لها مؤسسات وأجهزة أمنية، وإنما في ظل قبائل وجِهات عشائرية، تجد أن علَمها وقانونها أهم وأبقى من علم وقانون الدولة.. عندما بدأنا نقرأ في الصحف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ونشاهد في الفضائيات عناوين "مطلوب عشائريًا"، و"كوامة عشائرية"، فإننا أيقنّا جيدًا أن الخراب قد حلّ، وعندما أصر البرلمان على إصدار قانون العشائر بدلًا من قوانين لتطوير التعليم والضمان الصحي .
دعونا لا نبحث عن مبررات لما يجري في البصرة من خراب وفشل وفقر وبطالة وسرقة للثروات، ماذا يعني لساكني المنطقة الخضراء أن أكثر من نصف الشعب يعانون العوز وغياب الخدمات؟ لا شيء مهمًا مادام هناك في البرلمان من يعتقد أن العالم يتآمر على التجربة العراقية العظيمة !
في هذا المكان كتبت أكثر من مقال عن البصرة وأحوالها وأهوالها، وحدثتكم عن المتظاهرين الذن تتم مطاردتهم، وعن المليارات التي أُهدرت بدون وجه حق، وعن الجماعات المسلحة التي ترفض كل مظاهر الحياة المدنية وتقرر كل يوم أن تغتال أحد الناشطين وكان آخرهم الشهيد تحسين الشحماني، وفي كل ما كتبت لم أسمع يومًا صوتًا للسيد المحافظ اسعد العيداني يندد بهذه الممارسات، ، صحيح أنا لا أفهم بالولائم الكبرى التي تشغل السيد المحافظ ، فأنا مهموم بالقضايا الصغيرة التي لا تشغل بال الكثير من أعضاء المجلس، كمثل الذين يموتون فقرًا وعوزًا في أغنى مدينة في المنطقة. ومثل الذين لا يشبعون من سرقة المال العام، ومثل الملايين الذين يحلمون بمدن نظيفة، ومثل الشباب الحالمين بجسور للمحبة لا تقطعها جماعات مسلحة متنفذة. لا قضايا أخرى تهمني تقريبًا سوى المواطن البصري البسيط وكرامته وحقه في العيش من دون مهرجانات سياسية كاذبة أحد أبطالها "مزور صكوك" .
عندما تُقسِّم البلدان إلى قبائل وطوائف، فإنك بالتأكيد تصرّ على أنّ هذه البلاد ليست دولة مؤسسات، ولا وطنًا، لكن ماذا عن الذين يريدون أن يفرضوا قناعاتهم العشائرية على محافظة بأكمله؟ الجواب ربما نجده الولائم التي تزينها صورة المحافظ .