علي حسين
في كل عام تمر به ذكرى الراحل شمران الياسري "أبو كاطع" يحتاج العراقيون فيه إلى أن يعيدوا قراءته من جديد ليعرفوا كيف يمكن للمواقف الوطنية أن تكون محترمة، فقبل عقود من هذا التاريخ كان العراقيون ينتظرون "صراحة أبو كاطع" على الأرصفة لينطلقوا معها وبها في سحر ونقاوة الكلمة.
كان الناس يعرفون أن كاتبها المفضل لم يطأطئ رأسه لمسؤول أو منصب أو منفعة، فقد كان وفيًا لما يكتب، قابضًا على جمر مبادئه، مكرسًا حياته للكلمة، للموقف الوطني الصادق المتجرد من كل غرض أو منفعة.
كان متاحًا لشمران الياسري، أن يعيش في أمان واطمئنان وأن يحصل على أعلى المناصب، فقط لو منح ضميره إجازة دائمة.. غير أنه كان عصيًا على الإغراء، مترفعًا عن استجداء السلطة، مدركًا بحسه المهني والإنساني، الشديد الوطنية والنقاء، أن مملكته الحقيقية ليست مع السلطة وإنما مع مواطنين يشاركونه الحلم بوطن أكثر بهاءً وجمالًا... اليوم حين أستذكر مآثر "أبو كاطع" أنظر حولي لأرى البلاد، وقد عشعش فيها الساعي الى المكاسب ، والكاره لوطنه يطالب ولو بربع فرصة لإظهار مهاراته في اللعب على الحبال ، ومن هؤلاء مهدي الصميدعي، الذي يعتقد أن عنترياته يمكن لها أن تغفر له "سقطته" تجاه أشقائنا المسيحيين، فإن هناك حتمًا اتفاقًا بين الجميع على أن يبقى الجهل مخيمًا على هذه البلاد، وبدلًا من أن يخجل مفتي الديار ويتوارى عن الأنظار، نجده يقدم مشروعا مضحكا ، يدعو فيه لتشكيل قوات من شباب العراق يشرف عليها السلطان التركي " اردوغان " لقطع انف ترامب ويطلب منّا أن نصفق له؟ وينسى الصميدعي ان العراقيين ريدون لبلادهم أن تنظر الى المستقبل بأمل، وأن يعمّ السلام والفرح على أرضها، وأن نعيش مرفوعي الرأس بين شعوب العالم، لا أن يحكمنا ساسة يعيشون في زمن القرون الوسطى .
ما يحدث يفضح مخططات البعض من شيوخ الفتنة، ويثبت للجميع أنّ هناك من لايريد للدولة أن تسعى إلى إقرار قوانين تصب في خدمة المواطن، وإنما خطتهم الأساسية تحويل العراق الى إمارة يحكمونها بصولجان الحشمة وسياط الاستبداد، يريدونها إمارة شبيهة بإمارة طالبان.
اليوم في ذكرى " ابو كاطع " ننظر الى الإرث النضالي والسياسي للانسان الذي استمد حياته من حكايات العراقيين وآلامهم وأحلامهم ومعاناتهم، لا يغيب مواطن مثل أبو كاطع ، لأنه كتب سيرة حياته مطابقة لسيرة وطنه، قصص ومواقف حياتيّة ستنتقي منها الأجيال ما تشاء، وهي بحرإذا اخترنا السياسة والفكر، وبحار لن تنتهي إذا اخترنا محبّة الناس والدفاع عن قضاياهم.
فيما سيترك لنا مهدي الصميدعي ، فتاوى وخطب لاتؤمن بالدولة المدنية ، وتصرعلى نشر التفرقة واشاعة الخراب .