TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الانتخابات الأميركية درس في الممارسة الديمقراطية

الانتخابات الأميركية درس في الممارسة الديمقراطية

نشر في: 12 نوفمبر, 2012: 08:00 م

د. لميس كاظم*

انتهت الانتخابات الأميركية بفوز المرشح الديمقراطي أوباما على منافسهِ الجمهوري رومني بطريقة ديمقراطية تخللتها ثلاث مناظرات تلفزيونية حامية الوطيس. تجادل المرشحان بكل أدب واحترام وفُضحت أخطاء الحزبين  من دون أن نسمع أي خصام أو تهديد. لم تظهر  أية تصريحات نارية أو حتى هفوة كلامية ،بل بالعكس اتسم خطاب أوباما بالمسؤولية الوطنية العالية وأثنى الجميع على أسلوبه الرصين. وتنافس المرشحان على وضع برامج محددة لتوفير أفضل الإنجازات الوطنية ومعالجة مشاكل المواطن المستديمة ولم يجر التعرض إلى السلوك الشخصي  أو الحياة الخاصة لأي من المرشحين. في الوقت الذي يناظر القادة العراقيون بلغة التهديد والتفخيخ والتلويح بالفضائح.
إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس أوباما كان دقيقا وصريحا ذلك أنه تكلم عن نجاحاته وإخفاقاته في عدة مجالات ،على سبيل المثال لا الحصر البيئة ،وهذا يعطي مصداقية أكثر لناخبيه ويزيد شعبيته  في الوقت الذي لم يجرؤ أي قائد عراقي  على أن ينتقد نفسه أو يتحمل مسؤولية عن كل ما حصل من إخفاقات وجرائم. ولم يسمع المواطن العراقي سوى الوعود التخديرية العائمة والتصريحات النارية.
اليوم عادت الحياة السياسية الأمريكية إلى وضعها الطبيعي ولم يقاطع الحزب الجمهوري الخاسر مجلس الشيوخ أو البيت الأبيض إنما سيباشر مهامه ليبقى الرقيب على سياسة أوباما القادمة ويفضح كل أخطائه بأسلوب ديمقراطي سلمي ،وهذه هي المعارضة السلمية التي تتسم بالروح الوطنية ، بينما استمر القادة العراقيون خصامهم  عدة أشهر بعد الانتخابات الأخيرة للاتفاق على منصب الرئيس ،و عدة أشهر أخرى على الحقائب السيادية ،وتعطلت السلطات الثلاث ،وتدهور الأمن ،وارتفعت نسبة التفجيرات.. ترى هل هذا تنفيذ للوعود الانتخابية أم  هل من الممكن أن نسميه حرصاً وطنياً؟
ِلمَ لا تستفيدون يا قادة العراق من التجربة الماثلة وتتحاورون بلغة الإنجازات والمسؤولية الوطنية بعيدا عن الشعارات الطنانة والبالونات الفاقعة. لمَ لا تمارسون المعارضة السلمية تلك التي تفضح الكتل الفائزة وتنورون المواطنين بأخطائهم بالأدلة والحقائق وتتصدون لكل الممارسات التي تنتهك حقوق الوطن والمواطن ،ذلك الكائن المغلوب على أمره الذي لم يطل من المرشحين الفائزين أو الخاسرين سوى الانتكاسات الاجتماعية والأمنية والخدمية ولم يشم نسيم الديمقراطية إلا بالإعلام !
*أستاذ جامعي وأديب عراقي مغترب بالسويد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram