علي حسين
قبل عام من هذا التاريخ كان السيد نوري المالكي يجلس منشرحًا، مبتسما أمام مذيع العراقية، ليعلن أنه أحد قادة الاحتجاجات، وليتغنى بالتظاهرات ويحذر من الطائفية، ويطالبنا بأن نستمر في إنجاز المشروع الوطني الذي بدأه سيادته عام 2006، والذي لم تسمح له الإمبريالية أن يواصل إكماله.
بالأمس ونحن في نهاية شهر آب من عام 2020 ظهر نوري المالكي وهو يتحول، ويطالب بسحق الاحتجاجات لأنها أضرت بالدولة التي أراد عادل عبد المهدي أن يبنيها، لكن المتظاهرين "المشاغبين" لم يسمحوا له بتحويل بغداد إلى مدينة مثل طوكيو أوسنغافورة أو دبي، ويصر المالكي على أن يبرر لعادل عبد المهدي قتل أكثر من 700 متظاهر وجرح الآلاف، فـ"شيسوي عادل" .
وقبل أن يفيق المشاهد من صدمة عبارة "شيسوي عادل"، أخبرنا السيد المالكي وبكل أريحية أنه على الحكومة أن تضرب بيد من حديد، وقبل أن تضرب بيد من حديد عليها أن تتذكر أنه لولا المصالحة الوطنية التي أعلنها المالكي والتي أشرف عليها "بروفيسور بحجم عامر الخزاعي!!"، لما كانت هناك بغداد، ولأن التجربة العراقية في المصالحة الوطنية تفوقت على تجربة المرحوم مانديلا !.
إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من قادة البلاد الأشاوس، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجًا، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حاميًا لفساده، مترفّقًا بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.. ولهذا كان لا بد من أن يخرج علينا السيد نوري المالكي عام 2019 ليشيد بالتظاهرات، وأن يعود عام 2020 ليشتم نفس التظاهرات .
هذه هي النتيجة ، لا حدود للسخرية من المواطن العراقي، ولهذا عندما يقول السيد المالكي إن المتظاهرين يريدون الشر بهذا البلد، دون أن يشير بإصبعه إلى قتلة الشباب في بغداد والبصرة والناصرية والنجف وكربلاء، فلا ينبغي أن نصاب بالدهشة، وعلينا أن نتوقع خبرًا يقول أصحابه إن السيد المالكي استنكر بشدة وشجب بقوة استخدام المتظاهرين للحجارة، لأنه اكتشف أن على المتظاهر أن يتلقى الرصاص وقنابل الغاز باعتبارهما هدايا من الحكومة! .
ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، خصوصًا عندما يصرف وقته الثمين هذه الأيام على كتابة توجيهات وخطابات، يومًا ليسخر من الاحتجاجات، ويومًا من أجل الإسراع بإنجاز "تبليط" الخط السريع للإصلاح ، لكن الظهور الأخير فاق ما قبله وما بعده.
للأسف يعاني السيد المالكي من مشكلة عميقة مع العراقيين، فهم رغم ما يبدونه من إخلاص ورغبة في متابعة خطاباته، لا يبدو أنهم يستطيعون حلّ ألغاز ما يقوله، لذلك نراه بعد كل خطاب "يخرج" من على الشاشة، ليشرح لمستمعيه بإشارة من إصبعه، علّهم يفهمون.
جميع التعليقات 1
Anonymous
مجهول المالك الذي كثر الكلام عليه من قبل اراذل السلطة بالنسبة لثروات النغط