سعاد الجزائري
في نقاش ساخن بيني وصديق أستفزته أنثوية نصوصي، معتبراً أن الأمر يشكل نقصاً في وعيي ومستوى إدراكي للأمور الحياتية لأني اتغلغل في أعماقها عبر بوابات أنثوية الشعور والفهم،
وبالتالي شكلت أنثويتي، من وجهة نظره مثلبة في التفاعل أو في تقبل ما أكتبه، ويستشهد أثناء إنفعاله بكتابات لا يمكن للقارىء أن يميز جنس كاتبها سواء كان ذكراً او أنثى، رجلاً أو امرأة، (فحلا أو نثية)!!!
يعتبر صديقي أن المرأة - الكاتبة، التي تستعير لغة الذكور في كتابتها أمر إيجابي، بل منتهى الوعي، ويدعوني الى التعلّم من كاتبات، توحي نصوصهن أنهن رجال، وهنا تذكرت الغناء بالصوت المستعار الذي لا يمكن أن يرتقي الى الخامة الأصلية، فمهما أستعار المغني من طبقات صوتية فإنها لا تشبه أبداً الخامة الأساس..
ترى هل سأشبه نفسي لو أستعرت لغة الرجل في نصوصي، رغم أني كتبت قصصاً قصيرة بصوت رجل، ولماذا يقيّم القارىء فكرتي المكتوبة من جنس نصوصي، غادة السمان قالت، الأدب ليس له أعضاء لنصنفه ذكوري ونسوي، وكذلك النصوص لا ترتدي تنورة أو رباط لكي نصنفها...
أنا شخصياً أفتخر بجنسي، وسعيدة جداً كوني امرأة، وأعتز بأنوثتي، لهذا أريد نصاً يشبهني تماماً ولا أجد مبرراً لكي أرسم لمفرداتي الشارب أو اللحية، أو أخنقها بربطة عنق..
النص نتاج شعور وحالة إنسانية، أي كانت تلك الحالة، حزن أو فرح، حب أو كره، غضب أو هدوء، قناعة أو عدمها، أريد تلك المتناقضات في نصوصي متطابقة معي تماماً، لاني مقتنعة بما وصلت إليه من وعي وإدراك، ولا أجد أي مبرر يدعوني أن أضع مفرداتي في منطقة الظل، بين الذكورية والأنثوية، وقد أضع لنصوصي أحمر شفاه ليعرف المتلقي، أن هذا البوح يعود لأنثى وليس لذكر، لأني أريده أنثوي، نسوي، نص لكاتبة وليس لرجل.
ومن مبادئي الشخصية أن لا أنتقد أي أسلوب في العيش أو في الكتابة، أو في أي فعل إنساني، فعندي صديقات يتشبهن بالرجال في طريقة السير أو الجلوس والشرب والتدخين، وربما في أسلوب العيش أيضاً، لذلك أحترم رغبتهن هذه، رغم أني لست مثلهن، كذلك أحترم الكاتبة التي لا تكشف جنسها في نصوصها، لكني أعتبر الكتابة هي الفضاء الحر للكاتب - ة، لذلك لا يحق لأحد أن ينتقد ذكورية أو أنثوية نصوصك.
أجد في نصوص نزار القباني أنثوية عالية وجميلة، وتحدّث كثيراً بلغة أنثاه، لم يقلل ذلك من شأن أو مستوى نصوصه، أو في تقبل الآخرين له، بل العكس هو منساب بيسر وبحب في عالمي الذكور والإناث...
كل إنسان بهذه الحياة سمع أول كلمات الحب والحنان والحزن بلغة أنثوية، لغة الأمّ، أيهما أقرب لقلب الإنسان أن تعبر عن حنانها وعاطفتها بلغتها أو بمفردات رجل؟
لم أشعر يوماً بندم أو بحزن لأني خلقت أنثى، ومنذ بدأت أكتب وحتى هذه اللحظة لم أستعر خشونة رجل لكي أكتب نصوصي. أنا امرأة متصالحة جداً مع نفسي وأكتب نصوصي خلال دقائق لأن أغلبها وليدة لحظة تشكل حساً عاطفياً ناتجاً عن فرح أو حب أو حزن، وأحياناً لا أراجع نصوصي وأنشرها بأخطائها لكني متمسكة بأنثويتها لأني أريدها تشبهني تماماً ولا تشبه غيري، ولا ألوم أبداً من يكره نصوصي، لأني لا أجبر أحداً على قراءتها لكني أقدر وأحترم مع الذين يتفاعلون معها، لأن هذا التفاعل يشير الى أن النص تلبسهم وتغلغل في عالم مشاعرهم...
ختاماً أعيد بأني أفخر بنسويتي وبأنثوية نصوصي....