تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
1-2
يمكن اعتبار المدراء – الممثلين لكتّاب المسرحية في القرن التاسع عشر في إنكلترا وفي اميركا قد لعبوا دور المخرج في العمل المسرحي وبشكل مناسب مع الاعتقاد بأن (الدوق ساكس مايننغن) ومدير مسرحه (غرونيك) في بافاريا كأول مخرجين مسرحيين ليسوا ممثلين ولا كتّاب، وفي باريس كان (أندريه أنطوان) مؤسس فرقة المسرح الحر عام 1887 متقدماً في الإخراج عندما استخدم مناظر طبيعية تفصيلية وتمثيل طبيعي . انتشرت حركة مسرحه الحر ووصلت إلى برلين حيث انتج (برام) مسرحه الحر عام 1889 والى لندن حيث بدأ (غرين) مسرحه المستقل بعد سنتين ، نشدت الطبيعية رجحان الصدق في التمثيل وفي المنظر المسرحي، وحققت تأثيراً كبيراً نظريات التمثيل وتمارينه للروسي ستانسلافسكي حيث تم التأكيد في (فرقة مسرح موسكو الفني) على المناظر والأزياء المتقنة واعتماداً على المحركات النفسانية للقرن التاسع عشر والرابط العاطفي الداخلي بين الممثل والدور الذي يمثله . أسس (ستانسلافسكي) بطرق عديدة ، ممارسة التمرين الطويل الأمد في (القرن العشرين وذلك بتشجيع الممثلين على التوغل في ما وراء سطح الجمل المكتوبة والوصول إلى ما وراء النص من معانٍ وتخيل وما تحتويه من توضيحات ودوافع في كلام الشخصيات وأفعالهم . وهكذا يتولى المخرج مهام قيادة ذلك الاستكشاف .
في ذات الوقت الذي حصلت الطبيعية على قوة دافعة فقد روّجت الرمزية لحالات شبيهة لما يحدث في الأحلام أو رؤى تجريدية وكان لها تأثير مماثل من خلال نظريات (كريغ) للسينوغرافيا ومفهومه عن الممثل (السوبر ماريو نيت) في مجال تحكم المخرج وهيمنة سلطته . وعلى وفق نظرة (كريغ) فأن للمخرج / المصمم أن يتولى المسؤولية المباشرة عن جميع عناصر الإنتاج لخلق عرض متميز موّحد وسار العديد من المخرجين ، فيما بعد ، وضمن التقاليد الحديثة على وفق أحدى الطريقتين المتعارضتين : الطبيعية أو الرمزية وتكيفها للحركات والأساليب ذات الصلة بالتوجهات الإخراجية المختلفة من التعبيرية والتركيبية والمسرح الملحمي والتداخلية الثقافية ومن الواضح بأن الاندفاع نحو الوحدة والتفسير والابتكار المرتبط بالحداثة أنتج الاعتقاد بأن وسيطاً متحكماً واحداً يمكن أن ينظم تجربة جمالية متجانسة ، وهكذا اشتغل بعض المخرجين المعروفين خلال القرن العشرين ابتداءً من (راينهارت) و(ميرهولد) إلى (بروك) و(سترهلر).
في العديد من البلاد الآسيوية تمثل التمويل المخلص في تقاليد العرض المسرحي مركزياً في ملامح الأسلوب والتحضير لتدخلات الجمالية الفردية للصيغ التقليدية التي اعتبرت غير مناسبة . وبتأثير المسرح الغربي فأن المسرح الحديث في آسيا اتجه لقبول المخرج كضرورة كما في مسرح (شبنغيكي) الياباني وأصبح المخرجون الأقوياء معروفون في العديد من البلاد الاسيوية ومنهم : (نيناغادا) و(سوزركي) في اليابان ، و(تانفير) و(ثيام) في الهند ، و(أدنغ كنغ سن) في سنغافورا .