TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مستشار للبيع!!

العمود الثامن: مستشار للبيع!!

نشر في: 7 سبتمبر, 2020: 09:23 م

 علي حسين

أفضل وأغنى رواية عن السودان ، تركها لنا مواطن اسمه الطيب صالح ولد في قرية تسمى دبة الفقراء ، وأتعس رواية عن خراب الأمم يتركها لنا كل يوم مواطن يحمل جواز سفر بريطاني اسمه موفق الربيعي.. وأعتذر مقدمًا عن المقارنة بين عبقرية الإخلاص للوطن، وبين سراق أحلام الناس ومستقبلهم .

لم يحاول الطيب صالح أن يتفلسف وهو يقدم صورة غنية بالتفاصيل لبلاده، ولم يكن مهتمًا بطرح القضايا المصيرية مثل "العلامة" إبراهيم الجعفري، بل رسم لنا صورة للسودان لا نزال نتمعن بها وكأنها لوحة من لوحات فناني عصر النهضة، لم يتوسل الشهرة في بلاد تقلبت ذات اليمين وذات اليسار حتى استولى عليها "العبد المؤمن" عمر البشير الذي يحاول عامر الكفيشي استلهام تجربته في حكم البلاد.

ثلاثون عامًا من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس المؤمن عمر البشير، وفي واحدة من القرارات في السودان الجديد، كان الاتفاق بين جميع الأطراف السياسية على فصل الدين عن الدولة، فقد جرب السودانيون حكم الدولة الدينية التي كان فيها عمر البشير يقف بنفسه ليردّ على المنظمات الدولية التي اعترضت على جلد فتاة سودانية لأنها ارتدت البنطلون، قال آنذاك ساخرًا وهو يحمل عصاه "البعض يتحدث عن الفتاة التي جلدت على وفق حدود الله والذين يقولون إنهم خجلوا من هذا عليهم أن يغتسلوا ويصلّوا ركعتين ويعودوا للإسلام".

وضع الطيب صالح السودان على خريطة الأدب العالمي، بروايات ساحرة تحاول أن تجمع بين الثقافات، بينما يصر البعض ممن امتهن السياسة بغفلة من الزمن في العراق ، أن يضعوا بلاد الرافدين على خارطة النسيان.

نتذكرالطيب صاح وتلك الجواهر من الأعمال التي زيّن بها الأدب العربي والتي تذكرنا دومًا بأن السودان يستحق منا وقفة تضامن أوسع وأعمق وهو يتعرض إلى محنة الطبيعة التي وصفها الأخوان المسلمون في السودان بأنها غضب من الله لأن السودانيين يريدون أن يصوتوا لدستور الدولة المدنية.. وكنا في هذه البلاد صوتنا على دستور وضعه روزخونية من عينة همام حمودي ومحمود المشهداني، وكانت النتيجة أن المواطن الذي خرج مبتهجًا بالدستور، لا يزال يسأل ما الذي حصل عليه، بعد أن أعطى الضوء الأخضر لدولة يديرها دراويش يتمسحون بالدين، لكنهم شطار في سرقة الأخضر واليابس. لم يحصل العراقي سوى على الخراب والفشل والفقر 

وإذا كنت مثلي تسأل أين "سيوكر" موفق الربيعي خلال الأشهر القادمة بعد أن تم طرده من سكرتارية اللجنة العليا للصحة والسلامة ، فأنا أتوقع أن يصبح مستشارًا مثله مثل سيدة "التوازن"، وفي هذه البلاد يصبح بعض الاشخاص بلا طعم، ولا لون، ولا رائحة، ولا معنى، سوى معنى واحد : الفشل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سعد

    تحياتي واحترامي، اعجبني المقال، ولكن العباره الاخيره هلاميه وكأنك خائف من شئ، تحياتي مرة اخرى.

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram