فيصل لعيبي صاحي
إذا اعتبرنا الدماغ ( المخ ) هو" الهارد وير " فإن التفكير هو " السوفت وير " ، وفي مجتمع التعليم الذكي ( مجتمع المعلومات ) ،اتسع حيّز الذكاء من خلال الإنسان الى الأدوات والآلات والأنظمة والمؤسسات.
هناك ذكاء جماعي ( جمعي ) وذاكرة جمعية وشبكة أعصاب جمعية ( الأنترنيت ) له وعيه وحتى لاوعيه ( الوعي بما له من تجربة وعمل وخزّن – واللاوعي بما هو سائد في المجتمعات من عقائد وطقوس وقيم وآيديولوجيات ) .
هناك تاريخ للفكر البشري يتكون من :
1- العصر الغريزي : الذي أنتج الأسطورة والسحر والأديان .
2- العصر المادي : الذي أنتج التعامل مع الماديات والسوائل والغازات والذرّة.
3- العصر التجريدي : هو عصر التعامل مع المعرفة وهو العصر الذي نعيش بداياته المضيئة.
نحن نعيش في بداية عصر ثلاثية : العقل – المعلومات – الواقع .
عصرنا ، هوعصر إستهلاك المعلومات والمعرفة الشديدة السرعة والقدرة العظيمة على إنتاجها
هناك ما يسمى بتطعيم الحيوي بالصناعي حالياً .
المرحلة الأولى : هي تعاون الإنسان الحقيقي مع الإنسان الآلي، الذي يقوم مقام الإنسان الحقيقي في الكثير من الأمور، وقد يلغي دوره تماماً في المرحلة القادمة، بحيث لا يحتاج الإنسان إلا لضغط زر معين ليكمل هذا الإنسان الآلي العمل كاملاً.
هذا تحوّل في علاقات الإنتاج لم يسبق له مثيل، علينا كماركسيين وماديين علميين أن ننتبه له.
المرحلة الثانية : هي مرحلة ما يسمى ب " cyborgenization- السبورجينايزيشن " أو السرجنة، حيث يتداخل العضوي مع الآلي، يقف الآن الدين والتقاليد والأخلاق السائدة حائلاً دون تنفيذها، وهي تعتمد على ما توصلت إليه هندسة الجينات – أي الهندسة الوراثية –
تجديد العقل لدينا، ليس مطلباً ثقافياً فحسب، بل تنموياً كذلك،حتى نستطيع إستقبال عصر المعلومات باقتدار وكذلك إنتاجها أيضاً.
نحن لانملك عدة كاملة للمعرفة وجمهرة العقول لدينا تحت مستوى التحديات.
ملامح عامة للنمط التفكير عندنا ملامح عامة لنمط التفكير في عصر المعلومات
1- فكر تقليدي 1- فكر إبتكاري/ 2- فكر سطحي 2- فكر مفاهيمي / 3- فكر دوغماتي 3- فكر خلافي – جدلي/ 4- فكر إستسلامي 4- فكر تفنيدي – تشكيكي/ 5- فكر لاعلمي 5- فكر علمي/ 6- فكر دمجي 6- فكر منظومي/ 7- فكر رجعي 7- فكر إستشرافي – تقدمي –/ 8- فكر قاطع 8- فكر حدسي – إحتمالي/ 9- فكر سلبي 9- فكر مبادر/ 10- فكرغير محدد 10- فكر محدد/ 11- كرتوفيقي 11- فكر متوازي/ 12- فكر فردي 12- فكر جمعي/ 13- فكر محلي - منغلق 13- فكرعولمي – منفتح/ 14- فكرأحادي 14- فكربدائلي/ 15- فكر سردي ( إنشائي ) 15- فكر حوسبي( كومبيوتروحاسوب)/ 16- فكر إنطوائي 16- فكر تواصلي/ 17- فكرتمثيلي 17- فكر توليدي
ستراتيجية تطوير فكرنا- ثقافتنا – إعلامنا في عصر المعلومات :
1- الستراتيجية السياسية : حرية الفكر والتعبير.
2- الستراتيجية الإقتصادية : النظر الى الثقافة والإعلام كموارد إقتصادية تنموية.
3- الستراتيجية الثقافية : اعتبار اللغة كركيزة أساسية واستخدامها بالمعنى الفعلي لها، كأداة للتواصل المعرفي والنظر للثقافة كسياسة – إقتصاد معاً
4- الستراتيجية الإعلامية : النظر للإعلام كمشروع تنموي وتربوي وترفيهي موجه وليس ترفيهي متخلف وتهريجي - فوضوي أو دوغماتي.
5- الستراتيجية التربوية : التخلص من آفة التلقين والتلقي السلبي والأعمى للمعلومات وإطلاق حرية البحث والنقاش في المسلمات وتناول المحضورات والمحرمات ووضعها تحت المجهر العلمي والمنطق العقلي.
لقد تمت على مستوى الثقافة في العالم المتطور عدة قفزات هامة ، إبتداء من بداية القرن الماضي حتى يومنا هذا، بينما لانزال نحن نفكر بامور مثل الحجاب والطائفية والقوميات المتعصبة وحتى العشائرية والمناطقية.
الرأسمال الذهني : هناك مفاهيم بدأت تغزو عالمنا ، مثل : صناعة الثقافة ، إقتصاد المعرفة ، الملكية الفكرية، سباق التسلح المعلوماتي. وهذه عبارات مستلّة من الإقتصاد - السياسي ، مثل : ملكية ، صناعة ، إقتصاد ، سباق تسلّح. مميزات الفكر الحديث هي :
1- فكر غير خطي : لايستند فقط على تسلسل وتلاحق الظواهر والأحداث، لكنه ينمو مع المتغيرات المفاجئة وغير المتوقعة ويحاول إستيعابها
2- فكر غير ثنائي : مثل : مادية – مثالية ، موضوعي – ذاتي ، واقعي - خيالي ، شكل – مضمون ، سالب – موجب . بل فكر ينظر الى مابين هذه الثنائية من تنوع وتدرج وإحتمالات .
3- فكر غير جامد : فكر سريع التكيف والحركة، يرى الواقع إبتداء من الماضي والحاضر ويستشرف المستقبل ، ويتحرك مع الزمن بشكل مرن .
4- فكر غير تخصصي : لايحشر إهتمامه في موضوع واحد بل يعتبر المواضيع المختلفة متداخلة في نفس الوقت وتوجد قنوات فيما بينها ويحطم الحواجز التي تعوق ذلك.
5- فكر يهتم بما هو سلبي : يدرس المخالف – النفي – المعارض لما هو سائد ومتعارف عليه ويحلل أسباب وجوده.
هناك سلبيات عديدة في عالمنا ، نجدها في البايولوجي والرياضيات، في الفلسفة والأفكار ،في العلوم الطبيعية وعلم النفس ،في الدماغ البشري، حيث النصف الأيمن يسيطر على الجانب الأيسر من الجسم والأيسر على الجانب الأيمن ، في الفن الخ.
ملاحظات عامة:
1- الثقافة - الفكر - المعرفة – الإعلام ، تملك خاصية غير موجودة في غيرها من الظواهر وهي إنها تنمو بقدر استخدامنا لها عكس المواد الأخرى التي تستهلك وتبور بالاستعمال.
2- تكنولوجيا العصر الصناعي : أنتجت لنا التلوث – الإضطهاد وإستغلال البشر للبيئة والطبيعة ، بإسلوب عنيف ترافقها الأفكار الدينية والغيبية والمعتقدات الميتافيزيقية المختلفة.
3- تكنولوجيا عصر المعلومات : أنتجت لنا تكنولوجيا ذكية – شفافة – اضمحلال للعنف تدريجي – حضارة الصفر والواحد وهي تعتمد على البيانات والمعارف العلمية والدراسات الموضوعية وتنحسر فيها الأفكار الغيبية واللاعلمية .
4- العالم الحديث يبحث عن ما هو جديد و نحن نبحث عن كل ما هو قديم .
في مجتمعنا اليوم نجد ما يلي :
1- 40% من البالغين أمّي غالبيتهم من النساء/ 2 - 50% من الأطفال بدون مدارس ./ 3 - 60% من عمالنا مهددون بالبطالة .
4 - سيطرة الفكر الغيبي والسلفي والطائفي ./ 5- إنحسار للفكر التحرري والمديني الحديث./ 6- إنحسار الفكر الشيوعي واليساري.
7- غياب الجبهة الديموقراطية والعلمانية الحقيقية.
8- أزمة الحداثة بين طرفيها الموضوعيين : الحركة اليسارية عندنا الذي وقفت ضد الغرب دون تمييز والغرب المتمدن الذي ساند القوى الرجعية والدينية والإقطاع ، على حساب القوى الحية في مجتمعنا، وإستمرار هذه القطيعة حتى بعد أن تحول الغرب الى الما بعد كولنيالي وقد ساندت الولايات المتحدة الأميركية القوى المتخلفة في المجتمع العراقي وتخلت عن القوى التي يمكن أن يتطور العراق بواسطتها ، بعد إحتلالها للعراق مع بقية القوات المتعددة الجنسيات ، فكيف تدعي تحرير العراق حقاً من الدكتاتورية البغيضة؟
9- الحرب الباردة وآثارها على بلدان العالم الثالث وحركات التحرر فيها وإستنزاف طاقاتها على صراع لم تكن فيه طرفاً مباشراً ومعنياً بتناقضاته الفاقعة.
10- حراجة موقف الطبقة العاملة اليوم ونحن نقف على أعتاب الثورة العلمية الثانية والإستخدام الواسع للتكنولوجيا المبرمجة ، فهل تملك هذه الطبقة نفس مواصفاتها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ؟.
يقال أن الإنسان حيوان إتصالي ، وبواسطة الإتصال استطاع أن يصل الى ما وصل إليه، ألم ترونه يحاول سبر أقطار السماوات والأرض ؟
فتاريخه ، عبارة عن محاولات للإتصال بالآخر : المجتمعات – الطبيعة – الكون .
1- كانت المعابد في السابق ، هي التي تنشر المعرفة – الدينية طبعا- بين الناس بواسطة كتب محفوظة ومخطوطات لا يصلها الجمهور وهي معلومات ثابتة لاتتغير ومقدسة ويحرض سدنة المعابد على إخفائها عن متناول يد الناس ، لتبقى هيمنتهم عليهم مستمرة، باعتبارهم حكماء ولا يمكن الإستغناء عنهم، وهذا ما نراه لدى دعاة القداسة من رجال الدين عندنا.
2- جاءت المدارس لنشر المعرفة المختلطة ( علمية- ودينية ) ، بين الناس، فوسعّت دائرة المتعلمين نسبياً .
3- ظهور الطباعة وإنتشار المكتبات ، في المجتمعات ،ساهم في توسيع المعرفة وخروجها من هيمنة رجال المعابد المختلفة والمعاهد التي كانت تفرض نوعاً من التعليم المبرمج على طلاّبها.
4- ظهور الصحافة ، وإنتشار الطباعة الشعبية ، وسّع من المعرفة وقلل نسبياً من الأمية وجعل المعرفة والأحداث أكثرتوفراً من السابق .
5- الراديو ودوره الهام في إيصال المعلومات والأخبار وأمكانية الحصول على المعلومة في اي وقت ، دون رقيب أو حسيب .
6- السينما ودورها الهام في تفجير وعي الناس وتوسيع دائرة المستفيدين من المعلومات والأفلام الوثائقية والدرامية، التي تحلل فيها التاريخ والأحداث والمشاعر والتي تبثها من شاشتها الفظية ثم الملونة بعد ذلك .
7- التلفزيون الذي جمع بين الكلمة والصورة ، في تناول المعلومة.
8- الأنترنت وعالمه الغريب الذي جمع المعابد و المعاهد والكليات والمكتبات والراديو والتلفزيون والصحافة وحتى البريد والهاتف
أصبح الإعلام اليوم يحتل موقع الثقافة سابقاً وأصبحت الثقافة تابعة للإعلام في عصرنا الحالي، ولهذا يطلق عليه اليوم ب : ( ثقافة الميديا ). وإذا كان أرسطو يلقب بالمعلم الأول فها هو والت ديزني يلقب بالمعلم الأعظم .
9- ظهور العالم الإفتراضي الى جانب العالم الواقعي .
10- إنعدام الفاصل الزمني والمكاني ، فيما يتعلق بالوصول و الحصول على المعلومات وتداولها.
تناقضات الإعلام:
1- بين الإعلام والإعلان./ 2- بين المعرفة والتجارة./ 3- بين الترفيه والتهريج./ 4- بين التنمية والتربية العلمية الجادة وبين الدغماتية والسفاهات والخزعبلات والشعوذة./ 5- بين الخضوع للدولة والتحرر منها./ 6- بين الدفاع عن الأنظمة وبين الدفاع عن مصالح الناس./ 7- بين إشاعة العنف والإرهاب والضغينة وبين أفكار التسامح والوئام بين الشعوب./ 8- بين الرأي الواحد وتعدد الآراء./ 9- بين سيطرة الوكالات الكبرى وإمكانياتها الهائلة ووكالات الأنباء المحلية بإمكانياتها الشحيحة والمحاصرة بالممنوعات المختلفة./ 10-بين إنتاج المواد الإعلامية الخاصة وبين إستقبالها من الآخر. / 11- إنعدام نظرية إعلامية واضحة المعالم في إعلامنا المحلي ، كنشر الديموقراطية وقيم الحداثة والتمدن، او الدفاع عن العملية السياسية، على سبيل المثال.
يعتبرالإعلام من القوى اللينة البعيدة الخطط و التأثير والبطيئة الأثروتحتاج الى زمن كافٍ لغرض التأثير على المتلقي من خلال الترغيب والجذب المبرمج، عكس القوى الصلبة مثل العسكر والإقتصاد والسياسة، التي لاتتسامح في تنفيذ خططها لحظات معدودة.
عصر الإعلام ،هو، عصر مختلف تماماً عن العصور السابقة، فالفضائيات اليوم تشبه منصات إطلاق الصواريخ عابرة القارات وما المواد التي ترسل إلينا إلا عبارة عن قنابل وصواريخ علينا أن نتوخى تأثيراتها السلبية.
أنظر الى العبارات التالية :
الحملة الإعلامية المغرضة، المعارك الكلامية ، الغزو الثقافي ، عنف البرامج التي تبثها القنوات، العدوان الإعلامي ، تآمر وسائل الإعلام، الإعلام المضاد ، وغيرها من العبارات المأخوذة من قاموس الحروب العسكرية.