علي حسين
في اليوم الأول الذي جلس فيه السيد جمعة عناد على كرسي وزارة الدفاع أنشد بصوته الأنشودة المعتادة : "لتسقط المحاصصة " وبشر العراقيين بأن لا محاصصة في الجيش بعد اليوم ، فهو جيش لكل العراقيين ، ولا أعتقد أنّ أي عاقل في العراق، باستثناء المغرضين من أمثالي، لم يفرح وهو يسمع مثل هذه الأهازيج،
فجميل جدًا أن يدرك السادة الوزراء أن العراقيين لم يحصدوا خلال 17 عامًا من المحاصصة، سوى الموت والتهجير وأخيرًا الإفلاس، وجميل أيضا أن نجد الوزير يغضب ويثور ضد المحاصصة الطائفية، لكنّ غير الجميل أن تصر الوزارة التي يجلس على كرسيها الوزير جمعة عناد ، على أن تضع حقلًا يُكتب فيه نوع الطائفة التي ينتمي لها المتقدم للكلية العسكرية. لتصبح المحاصصة الطائفية سلوكًا عامًا وعقيدة وقناعة راسخة في مؤسسات الدولة.
قوائم وزارة الدفاع التي نشرت على موقع الوزارة تثبت أن مسؤولينا يريدون لهذا الشعب أن يبقى متربعًا على قمة الدول الفاشلة بامتياز، سيقول البعض متى تتوقف عن التهريج يا رجل؟ وحتمًا هناك من سيسخر ويقول "هكذا أنتم معشر (الإمبرياليين)، لا يعجبكم العجب". وقبل أن أجيب على هذه الأسئلة "اللطيفة" دعوني أسأل: كيف يمكن بناء جيش وطني قوي، ونحن نختار الضباط على المحاصصة وليس على مبدأ الكفاءة؟، وماهي خسائرنا لو لم يصرخ وزير الدفاع تبًا للمحاصص ة؟ أنا من جانبي أشك رغم كل محاولات الوزارة في التغطية على خانة الطائفة بعد أن انتشرت الفضيحة ، لان الوزارة نفسها صرحت بعد الفضيحة من " ان الإجراء يستهدف ضمان "التوازن المكوناتي" ، وهو ما يذكرنا باننا لانزال نعيش عصر " 7 7 x" ، وان ما قالته الوزارة وفعلته يؤكد ان المسؤول العراقي لايزال يخير الناس بين نظام محاصصي طائفي يتوهّم أنه سيحافظ على وحدة البلاد واستقرارها، وبين الفوضى التي يعتقد أنها ستجتاح البلاد لو أنّ الناس رفضت أن ترافقنا خانة المحاصصة حتى في منامنا.
أُدرك وأعي أنّ البعض سيضيفونني إلى قائمة "البطرانين"، ولكن أسمحوا لي أن أحدّثكم عن كتاب أتذكره باستمرار وفيه نتعرف على إرادة التغيير التي كان ينشدها المهاتما غاندي.
ففي صفحات كتاب اسمه "المتمرّد" نتعرّف على رجل نحيل قضى معظم حياته صائمًا، يتضامن مع المهمّشين والمنبوذين، لم يقل للناس إنّ حزبه غير معنيّ بما حصل في السنوات الماضية، مثلما أتحفنا بيان حزب الدعوة أمس في بيان ثوري بأنه "لا يتحمّل وحده مسؤوليّة الفشل في إدارة الدولة"، تخبرنا مؤلفة الكتاب بحلم غاندي في بناء وطن لجميع أبناء الهند: "ليس مهمًا أن يتولّى أمر البلاد مسلم أو هندوسي أو من طائفة المهمّشين، المهمّ أن يكون هنديًا في المقام الأول والأخير".