TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > شتاينبك..كاتب الشعور و الميزة الأدبية..قراءة ثانية في كتاب قديم

شتاينبك..كاتب الشعور و الميزة الأدبية..قراءة ثانية في كتاب قديم

نشر في: 15 مايو, 2010: 04:18 م

ترجمة / عادل العامللم يكن هناك ، و أنا مراهق ، و حتى في أوائل العشرينيات من عمري ، يقول جوناثان ياردلي في مقاله النقدي هذا، كاتبٌ ميت أو حي أدَّخر له عملاً أكثر من جون شتاينبك . و خلال خمسينيات القرن الماضي ، كنتُ ألتهم رواياته التهاماً ــ " عناقيد الغضب The Grapes of Wrath" ، و لكن أيضاً كل البقية ، بما فيها " في معركة مريبة " ، " الوادي الطويل " ، " رجال و فئران " ،
 " القمر تحت The Moon Is Down  " و " شرق عدن " ، التي نُشرت و أنا في الثانية عشرة من عمري ــ بهوى المراهقة و بدون تمييز تماماً . و كان ولعي على درجة من الشدة بحيث أنني ، في عام 1960 ، تركتُ صديقاً لي يُقنعني بأن أقايض نسختي الجديدة من " آثار أدبية : مختارات من شوسَر إلى بيربوم ــ و بعده " الرائعة  لدوايت ماكدونالد بنسخته من " أسفار مع شارلي بحثاً عن أمريكا " لشتاينبك.  حسَنٌ ، و يمر الزمن على ذلك . لقد  اختفى " أسفار مع شارلي " من مكتبتي قبل دهور ، لا أدري متى و أين على وجه الدقة ، و قبل أسابيع قليلة فقط أعدتُ الأمور إلى نصابها بشرائي ، لقاء ثمنٍ بخس تقريباً ، نسخة مستعملة لطيفة من : آثار أدبية .. " بغلافها الترابي الأصلي . و على مرّ السنين اختفت كل مجموعتي من كتب شتاينبك ــ التي كان قد توفر لديّ العديد منها ، و كان آخر ما اختفى " عناقيد الغضب " في ربيع عام 2006 ، حين كان علينا ، أنا و زوجتي ، في عملية انتقالنا من منزل كبير إلى شقة صغيرة ، إتخاذ أحكام أدبية قاسية لتقليص مكتبتنا . و من اللازم أنني و أنا طفل كنت أقرأ كطفل ، و حين أصبحتً رجلاً نحَّيتُ جانباً الكتب الطفولية ، لكن ذلك ليس بالأمر العادل بالنسبة لشتاينبك ، أو ، بسبب ذلك ، بالنسبة لنفسي الشابة . و بعد عقدٍ و نصف من الزمن ، حين راجعتُ المجلد الأول من طبعة شتاينبك لمكتبة أمريكا ( المجلد الرابع والأخير قد نُشر الأن ) ، الذي يحتوي على الخمسة الأولى من كتبه ، صدمتني " المهابة ، و الوجدانية ، و السخرية الثقيلة ، و انعدام روح الدعابة ، و التعابير العامية المجهدة ، و الفجاجة ، و السذاجة السياسية " التي وجدتها فيه ، لكن أُعيد إلى ذهني ما كان قد جذبني إليه عندما كنتُ شابا: " صوره المتعاطفة بقوةٍ عن عمال المزارع الأمريكيين و ... مشهد العدالة الاجتماعية الذي يغمر نتاجه الأدبي . " و الآن ، و برنامج ( القراءة الثانية ) يدخل سنته السادسة ، و عدد من القراء يتساءلون عما إذا كان شتاينبك سيتضمنه المسلسل ، فإن من المناسب إلقاء نظرة أخرى .  قررتُ القيام بهذا مع كتاب  " كانيري رو  Cannery Row  " ، الذي نُشر لأول مرة في عام 1945 ، و قرأته بعد ذلك بست أو سبع سنوات تقريباً . و كنت قد قرأت آنذاك بشعور غامر من الابتهاج العمل الناجح الشعبي الأول لشتاينبك ، " شقة تورتيلا " ( 1935 ) ، و أثارني اكتشاف أنه يؤشر لعودةٍ إلى مونتيري ، البلدة الكاليفورنية الساحلية التي أحب شتاينبك أناسها العاديين و صوَّرهم بقدرٍ من التعاطف و الدعابة . و تذكّرت أن شتاينبك في هذين الكتابين كان قد نحّى جانباً الألم الخفيف الذي كان معرَّضاً له و مال إلى الهزل ؛ كان على مسار طويل من الفكاهي ، لكنني تذكرتُ هذين ككتابين الحسني الفكاهة أو الدعابة و تساءلتُ إن كنت سأجد أن هذه النوعية لم تكن قد قلَّت على مرِّالسنين . و الجواب القصير هو أن الدعابة الجيدة ما تزال هناك ، لكن الكتاب نفسه يبدو الآن متكلَّفاً و عتيق الطراز و ليس هزلياً جداً في الواقع . و هذا أمرٌ مُحبِط إن لم يكن مثيراً للدهشة ، لكنه يترك من دون جوابٍ ذلك السؤال المتعلق بشتاينبك و الذي كدَّرني و آخرين كثيرين غيري لسنواتٍ عديدة : لماذا يستمر نتاج هذا الكاتب الجاد و المفتقر إلى الفن في التمتع بمثل هذه الشعبية المدهشة ؟ و ليس من الصعب إدراك لماذا تُختار كتبه على نطاقٍ واسع في صفوف المدارس الانكليزية المتوسطة و الثانوية ؛  فهي سهلة القراءة ، و هي أمينة في تصويرها للأمريكيين من الطبقة العاملة ، و تدعم عاطفياً القيَم و المباديء الأمريكية الأساسية حتى و هي تنتقد تفصيلات الحياة الأمريكية . و مهما كانت نواقصها الأدبية ، فإنها تتَّسم باكتمالٍ يستجيب له  القراء الشباب.لكن لماذا يواصل البالغون قراءة شتاينبك بمثل هذه الأعداد ؟ بعد أربعة عقود من وفاته ، تدرّ كتبه المال على ناشريه ؛ فهو بالنسبة لدار فايكِنغ بنجوين كخليل جبران بالنسبة لكنوبف ، مصدر متصل للدخل . فمن " كأس الذهب " ( 1929 ) إلى " أمريكا و الأمريكيون " ( 1967 ) ، تبقى كتب شتاينبك مطبوعة و معروضة للبيع ، سويةً مع مجلدات متنوعة من الرسائل لكتّاب راحلين ، و مجموعات و غيرها . و نسختي من " Cannery Row  " جزءٌ من " طبعة شتاينبك للذكرى المئوية " الصادرة عن بنجوين في عام 2002 . و المستهدَف بهذه الطبعة القراء البالغون ، و هي تصل إليهم كما هو واضح من المبيعات المنشورة . و من المحتمل أن تفسير هذا سيظل سراً على الدوام . و لا يفيد كثيراً في ذلك حصول شتاينبك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram