باسم عبد الحميد حموديصدر هذا الكتاب في بيروت   في الخمسينيات حيث قدّم له وشرح مغاليقه اللغوية د. الشيخ محمد علي الزعبي  , ثم اعادت طبعه دار الشؤون الثفافية العامة ببغداد ضمن سلسلة (خزانة التراث ) عام 1989  دون تدقيق ولا تمحيص .حح=حط
يقع كتاب ( فلسفة الجد والهزل ) في مئة وتسع وثمانين صفحةمن القطع الكبير  , وهو يجمع  بين مقدمة الزعبي والرسائل الاربع التي كتبها الجاحظ وجمعها في هذا الكتاب وهي ( فلسفة المعاد والمعاش) و ( كتمان السر وحفظ اللسان) و(فلسفة الجد والهزل ) التي سمي الكتاب بعنوانها و(فلسفة فصل ما بين العداوة  والحسد ) ,أهدى أبوعثمان كتبه (رسائله) هذه الى وزيرين من وزراء الدولة العباسية , الاول هو محمد بن ابي دؤاد الذي اشتهر بقسوته وقيامه  بمحاكمة أحمد بن حنبل والقائد الافشين والثاني هو الوزير الاديب محمد بن عبد الملك الزيّات . ارسل الجاحظ هذه الرسائل للوزيرين  لا  أستهدافا للكسب المادي –وهو حق مشروع في عرف ذلك الزمن والازمنة التالية بل لجعل  الرسائل دستورا أخلاقيا – حسب الزعبي – يستضيء به الوزيران ومن شابههما في ادارة الدول .   وقد جاءت الرسائل مجسة لاسلوب الجاحظ السهل الممتنع ولغته العالية الاثيرة التي لاتفترب منها لغة   في حسن الاداء ورشاقته : جاء في رسالته التي كتبها الى ابي الوليدمحمد بن احمد بن أبي دؤاد تحت عنوان ( فلسفة  المعاد والمعاش في الادب وتدبير الناس ومعاملاتهم ) أنه رأى ان يجمع للوزير كتابا في الادب يجمع لعلم كثير من المعاد والمعاش حيث يصف له فيه علل الاشياء وخبره باسبابها وما اجمعت عليه الامم  .  يقول الجاحظ بعد هذا ( الفت لك كتابي هذا وانا واصف لك الطبائع التي ركب عليها الخلق وفطرت عليها البرايا كلهم , فهم متساوون فيها والى وجودها في انفسهم مضطرون وفي المعرفة بما يتولد عنها  متفقون ثم مبين لك كيف تفترق بهم الحالات وتتفاوت بهم المنازل  ) ثم يصف الجاحظ طباع الناس والصفوة منهم وصفا دقيقا ويحلل خفايا النفس وتجلياتها المحمودة والسيئة  , ثم يفدم للوزير مجموعة نصائح في التعفف والعدل , ثم يستطرد في تحليل عادات الناس وسلوكهم ويقدم له وصايا ثمينة في كيفية التصرف مع الناس في طباعهم المختلفة .  الرسالة الثانيةفي (كتمان السر وحفظ اللسان ) وهو يقول عن اللسان أنه  اداة مستعملة لاحمد له ولاذم عليه , وهو يعني بذلك حكمة من يستخدمه او العكس وهو يقول ان الصمت اسهل مراما من اطلاق اللسان ويشير الى طبع الانسان في الاخبار والاستخبار ويقول أن هذه الجبلة ( الصفة – الطبع ) التي جبل عليها الانسان نقلت الاخبار عن الماضين الى الباقين .   الرسالة الثالثة هي الاكثر شيوعا وقد سمي الكتاب بعنوانها ( فلسفة الجد والهزل ) وهي رسالة مهداة الى الوزير الزيات ويبدأها الجاحظ بخطاب مباشر للزيات في ضرورة الانتباه اليه وعدم اغفاله وعدم الضيق به , وهو يحلل الغيظ بأنه عذاب لكثرة المه ,ويدعو الزيات الى الصبر والتأني ودفع الغضب عنه والى البعد عن الحزن لان داء الحزن داء مماطل وسقمه مطاول وداء الغيظ سفيه طياش وعجول فحاش.وهو يوصي الوزير بألا يتعرض لعداوة عقلاء الرواة ولضغينة  حفاّظ المثالب   وأمثالهم, وهو يرسم خطوطا نفسية متشابكة لدرس النفس البشرية في غلوها ورصانة صاحبها, وهو يدعو الوزير الى الرحمة ساعة الغضب والرأفة بمن يستحق العقاب, وهو يدعوه الى الحزمفي من يسيئ اشهارا .. هذاه نظرة عامة في كتاب تمتع بثراء لغة الجاحظ واتساع معلوماته وعمق تحليلاته التي تقترب من لغة العصر الحديث بل تضاهيها  وتزداد عنها جمالا.