علي حسين
في احدى مسلسلاته الكوميدية يقول دريد لحام لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتم للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وأنا أقرأ وأشاهد كيف أن الدولة تقف عاجزة أمام عشيرة أحد الخاطفين،
ولا تستطيع إطلاق سراح الناشط سجاد العراقي الذي اختطف في مدينة الناصرية برغم معرفتها هوية الخاطفين والمكان الذي يحتجزون فيه المخطوف، وضحكت على مصيبتنا وأنا أقرأ تصريحًا لقائد شرطة الناصرية يقول فيه إن هناك مساع عشائرية تجري حاليًا من قبل شيخ عشيرة الخاطف.. لا أفهم كيف لدولة بها أكثر من مليون رجل أمن تعجز عن مواجهة عشيرة، تعترف أن أحد أبنائها خطف شابًا أعزل! .
إن المشهد يبدو مثيرًا للدهشة حين يقف البعض وسط البرلمان ليطالب بـ"ضرورة تشريع قانون المجلس الوطني للعشائر لتهذيب الأعراف الطارئة على المجتمع العراقي، ولكي يكتسب ما ينظمه المجلس صبغة قانونية للالتزام بما يصدر عنه في القضاء على العادات والتقاليد السيئة".
في الايام الماضية ضحك العراقيون على ما يجري في هذه البلاد، حتى البكاء على وطنٍ يعاني فقدان العقل وفقدان الروح وغياب الأمل في استعادة ملامحه.
أكثر من أسبوع، استهلكت فيها مواقع التواصل الاجتماعي مخزون العالم من السخرية مما يجري ، فيما المواطن العراقي يتابع ويتفاعل ويضحك ويبكي مع العرض المسرحي المثير، والمتصاعد دراميًا " عشيرة الخاطف ، وعجز الاجهزة الامنية " وبيانات قيادة الشرطة " الذي فرضه عليهم عشائري يراد له ان يكون بديلا للقانون .
لقد كان المالكي صاحب الريادة في إشاعة الروح القبلية، ولعل الذاكرة ما زالت تحتفظ له بالصورة الشهيرة وهو يوزع المسدسات الفاخرة على البعض من رؤساء العشائر، يدعوهم فيها لفرض القانون على طريقتهم الخاصة، وترهيب كل من تسول له نفسه التفكير في الخروج على مشروع دولة القانون أو الاقتراب من أسوار الحكومة.
إذا كان ذلك واقعًا فرض على الناس في زمن القائد الضررورة حيث الولاء للقائد أولًا وثانيًا وثالثًا، وللعشيرة رابعًا، أما الآن فلا يمكن تخيل الأمر أو القبول به وقد عرفت البلاد انتخابات وبرلمانًا ومؤسسات تشريعية وتنفيذية، المفروض أنها تدفع بالعراقيين للتطلع إلى مستقبل أفضل وأكثر انسجامًا مع روح العصر وقيمه.
لكن يبدو أن البعض لا يعرف من الوطن إلا قبيلته، وهو مخلص لها إخلاصا لا يمكن لأي قضية أخرى أن تتجاوزه. فنحن نعيش في ظل نواب منتخبين لكنهم يدينون بالولاء لطوائفهم وقبائلهم قبل أن يدينوا بهذا الولاء للشعب والوطن، قد يقول البعض إن هذا من حقهم ونقول أيضا هذا حقهم، بشرط أن يتركوا السياسة وينصرفوا إلى مشاريعهم الخاصة.