علي حسين
أول ما طالعني بين بسطيات الكتب وأنا أدخل شارع المتنبي الجمعة الماضية ، طبعة جديدة من رواية البرازيلي جورج أمادو "طفل من حقول الكاكاو" وهي أشبه بسيرة ذاتية لصاحب الأربعين رواية ، كان أمادو من الأهمية في بلاده جعلت منه أكثر من روائي،
حتى أنّ هناك عبارة شعبية شهيرة في البرازيل تقول "إذا أردت أن يكرهك كلّ سكان البرازيل أدخل في صراع مع جورج أمادو وأشتمه" في حقل الكاكاو، التي قرأتها منذ سنوات، نتجول مع بطلها في البرازيل، حيث يسلط الضوء على الظلم الذي يتعرض له الانسان الضعيف من قبل مجاميع تصر على أن أمور البلاد يجب أن لا تخرج من قبضتها، سيقول قارئ عزيز حتمًا ما لنا وللبرازيل يارجل، هي بعيدة ولا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية. نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من أجل هيبة البرلمان، أما هيبة المواطن فمسألة فيها نظر.إسمحوا لي أن أحيلكم إلى فيديو غريب ومثير للضحك في نفس الوقت نشرته إحدى العشائر تهدد فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وتطالبه بتقديم اعتذار إلى رئيس العشيرة، وبعكس ذلك حسبما جاء أخبرنا شخص يقرأ البيان فإن العشيرة ستتخذ خطوات تصعيدية.. وقبل أن نسأل ما هي هذه الخطوات يخبرنا صاحب البيان بأنها خطوات أقرها الدستور!!، إذن العشيرة تطالب رئيس الوزراء بأن يسحب قوات مكافحة الإرهاب وأن تعود إلى مكانها، والسبب أنها لم تستأذن رئيس العشيرة وهي تقوم بالبحث عن شاب مخطوف، تتستر العشيرة على الخاطف، فلا يجوز في عرف العشيرة صاحبة البيان "الثوري" أن تدخل القوات الأمنية دون إذن مسبق من شيخ العشيرة، ولهذا لابد للحكومة من الرجوع عن قرارها الجائر بتحرير الشاب المخطوف وإعادة الهيبة إلى العشيرة، أما ماهي هذه الهيبة فهي في نظرهم أن يستمر مسلسل الخطف، وأن تأخذ القوات الأمنية موقف المتفرج، وأن يتولى رئيس العشيرة إدارة الملف، المهم أن تبقى أمور العباد والبلاد بيد العشيرة .
لابد من أن مواطن مثل جنابي لا يجد غرابة في بيان هذه العشيرة، وهي تجد نفسها فوق الدولة والقانون، لا أدري ماذا سيقول العالم المتحضر وهو يسمع ويشاهد دولة لا يقبل رئيس عشيرة فيها أن تدخل قوات أمنية المنطقة التي يسكنها، ولا أدري هل من أساسيات بناء الدولة، التي يتشدق بها النواب الطائفيون والقبليون، أن نقف في وجه مؤسسة أمنية تريد القصاص من مجرمين؟.
وأخيرًا أسأل أصحاب البيان العشائري، لو أن قرار دخول القوات الأمنية صدر في زمن (القائد الضرورة) ماذا سيكون رد فعل العشيرة؟، الجواب معروف، ستنشر إعلانا تبارك فيه القرار التاريخي وتعلن براءتها من رئيس العشيرة الذي لم يهتد بأفكار ووصايا قائدنا الملهم!.