TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إنهم يقتلون الاطفال، أليس كذلك؟

العمود الثامن: إنهم يقتلون الاطفال، أليس كذلك؟

نشر في: 28 سبتمبر, 2020: 10:01 م

 علي حسين

تم بحمد الله وتوفيقه، طرد الأمريكان من بلاد الرافدين، وشعر أصحاب الصواريخ البالستية بالسعادة والفرح وهم يقرأون أخبار الصاروخ الأخير الذي أطاح بطائرة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وشعر بالزهو صاحب الصاروخ الذي لقن أمريكا درسًا لن تنساه، فيما صفق جمهور الصواريخ، البعض دمعت عيناه فرحًا، والآخر لا يزال يصرخ "الموت للإمبريالية"،

كل ذلك يحدث، وليس للمواطن المسكين سوى الخراب والموت، وفي الوقت الذي تمكن صاروخ تحرير مطار بغداد من أن يقضي على عائلة عراقية ويقتل ثلاثة أطفال وأمرأتين ويجرح طفلين، كان الجيش التركي ينفذ انزالا جويا على الاراضي العراقية ، ومدفعيته تقصف داخل العراق ، دون ان يجرؤ صاروخ باليستي واحد على الوقوف بوجه جيش السلطان التركي.. ربما سيقول البعض إن موت الأمهات والأطفال الذين نحرهم الصاروخ وهدم عليهم جدران البيت جاء بالخطأ، وإن التضحية في سبيل طرد "الغزاة" واجبة وتهون عندها كل الدماء، لن نخوض مع الخائضين في فرضية أن الصاروخ لم يكن ينوي قتل العراقيين، وسنكذّب كل الروايات ونستبعد كل الفرضيات، لكننا يجب أن ندرك أن الحادث وقع لأن البعض ممن يمارس السياسة لا يؤمن سوى بحوار الصواريخ واختطاف الناشطين واغتيال الفتيات، وبإراقة الدم العراقي.

إن هيبة الدولة التي لا يزال يصرخ بها بعض من السياسيين، ليست جُملًا نتشدق بها، بل قرارات يصنعها مسؤولون يستجيبون لحقوق الناس ومطالبهم.. ويخطئ من يتصور أن هيبة الدولة يمكن أن تتحقق من دون مراعاة لهيبة القانون وقدسيته، والانتصار لكرامة الوطن والقصاص لكل من ينفذ سياسات دول أجنبية على أرض العراق.

اليوم، حين يريد البعض أن يحوِّل الوطن إلى رهينة لصواريخه، ويصبح أمن الوطن على المحك، فإننا نطرد من عقولنا قانون الغاب ونصرّ على قانون البشر.. ولا نصمت علانية، وفي السرّ نفرح ونسعد ونصفق لصواريخ تطلقها جماعات مسلحة .

اليوم، بدلًا من أن يطالب مجلس النواب بإجابات شافية على سؤال محيّر: كيف استطاعت هذه الصواريخ أن تتنقّل في مناطق بغداد ، بكل خفّة ورشاقة، والطريق مزروعة بمئات السيطرات؟ نراهم يهرولون صوب الفضائيات يطلقون خطابات تطغى عليها لغة المنافع، ويُسخِّر أصحابها أنفسهم للدفاع عن الخراب، مدَّعين أنهم بذلك يُنقذون العراق. 

وفي النهاية ألا يستحق الموقف، وسط هذا الموت المجاني، والأسى الذي يجتاح المواطن العراقي، أن يجد الساسة دقيقة من وقتهم الثمين ليصدروا بيانًا يدينون فيه قتل الأطفال ويعلنون براءتهم من دماء العراقيين؟ أو أن يتم تكليف وفد برلماني بتقديم واجب العزاء والاعتذار لأهالي الضحايا؟، أو أن تعبر الدولة العراقية عن أسفها لأنها لا تستطيع حماية حتى الأطفال ؟ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram