عمــار ســاطع
بعيداً عن مقدّمات أو سياقات المقالات الصحفية، فإن أسم حسين العنكوشي، بات يتردّد في أغلب أحاديث الرياضيين، بل أن اسمه يرتبط اليوم مع اسماء المهتمّين بالرياضة والداعمين لها!
ليس بغريبٍ أبداً أن نجدَ هذا الاسم يطفو على سطح الأحداث، ويصبح الشغل الشاغل لنشرات الأخبار وعناوين الصحف ومادّة دسمة لمواقع التواصل الاجتماعي، فالطريق الى القمّة يبدأ من الدعاية والاهتمام ليصل الى الشهرة التي يفترض أن تكون إحدى الركائز المهمّة في تعميق التواصل بين المنجزات والجمهور الذي ينتظر المزيد والمزيد!
فالعنكوشي، رجلٌ جديد دخل الى ميدان الاستثمار الرياضي بدأ من مدينته الديوانية ووصل الى مرحلة الجد والفعل من خلال ما حققه حتى الآن من توازن عميق ومهم بين ما يحلم بتحقيقه وما يريد الوصول إليه، حتى من خلال الساحة التي تخلو من الكثيرين وباتت تقتصر عليه فقط!
وفي الحقيقة إن الأوضاع الراهنة انسجمت، بل وتناغمت تماماً مع وصول الرجل الى المنصّة التي يريد أن ينطلق منها صوب الطموحات التي رسمها له أو المخطّط الذي سيجعل منه نموذجاً في البحث عن إطلالة جديدة زاهية لمدينة الديوانية التي لا تملك سوى الرياضة لتكون البوابة الأمثل في تحقيق المنجز لجماهير توّاقة تعشق كرة القدم!
وللأمانة، فإن إصرار الرجل على جلب لاعبين محترفين من جنسيات مختلفة أوروبية ولاتينية مدعومة بعناصر محلية من أسماء مهمّة، وضعت نادي الديوانية أمام مهمّة كبيرة، بل إن أخبار النادي باتت تتنافس، مع الولع الذي يضرب الجماهير، لفرق جماهيرية عريقة ومعروفة، وضعت النادي الأحمر في حالة استنفار قصوى، كونه أمر جديد على نادٍ لم يمضِ على تواجده في دوري الأضواء سوى ثلاثة مواسم مستمرة بمقابل تاريخ سابق حافل بالعطاء يصل الى 27 عاماً حيث التواجد لأول مرّة مع كبار فرق الدوري الممتاز!
وهنا لا أريد التركيز على التاريخ، كونه سجلاً شرفياً، غير أن القضية هي أن الاهتمام قد يحرق الأخضر واليابس في ظل الافتقار الى الخبرة السابقة والتفعيل المُعقد لأمور قد تعود بالضرر على نادٍ كان يفتقر الى أبسط مستلزمات ومتطلّبات البقاء في دوري الكرة مع الأقوياء، بل كان حتى فترة قريبة يعاني من ضائقة مالية تدفعه ليلوّح في أحيانٍ كثيرة بالانسحاب من المسابقة، فكيف به يكون فجأة أحد القوى الكروية التي يُعتقد أن يحقّق فيها مفاجأة مدوّية، ومن العيار الثقيل؟!
القضية أيها السادة، أن نادي الديوانية وبوجود شخص مستثمر يقود دفّة الانتقال من مرحلة الركود والهواة الى النضوج الفكري الاحترافي، تعد نقلة نوعية واضحة باتجاه فكّ ارتباط الأندية من الدعم الحكومي والتخصيص المالي صوب الانفتاح وعالم الاحتراف وسوق الاستثمار، كونه الواجهة الأفضل لتحقيق غايات واقعية لرياضة الانجاز!
لا أريد أن أمتدح العنكوشي، أو ألمّع صورته، فالرجل لم ألتقِ بهِ، لكن من حقّي أن أسأل: من أين أتى هذا الرجل بكل هذه الأموال، ووفّر فرصة تاريخية لفريق كرة الديوانية الذي كان يواجه ضغوطات متعدّدة أوصلته الى مرحلة التعامل بالآجل، ويستدين الأموال لتمشية أحواله ودفع رواتب لاعبيه وكادره التدريبي حتى وقت قريب؟!
لا أشكك بالرجل مطلقاً أو ما يملكه من جاهٍ وسمعةٍ، لكنني أربط اهتمامهُ بنادي الديوانية، بتلك الأدوار المتنوّعة المختلفة التي لعبتها وجوه سياسية مرّت علينا، دعمتْ وصالتْ وجالت ووعدت، لكنها في النهاية اختفت وتبدّدت، وربما تلاشت وأصبحتْ من الماضي، وهو ما أخشى أن يتكرّر، فنحن في العراق ولسنا في مكانٍ آخر!
**
يقول المثل الصيني: "من يجاملني هو عدوّي، ومن يلومني هو مُعلّمي".