TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: ليبرمان ولغة حراس الملاهي

خارج الحدود: ليبرمان ولغة حراس الملاهي

نشر في: 15 مايو, 2010: 05:44 م

حازم مبيضينيفخر أفيغدور ليبرمان حارس الملاهي الليلية السابق, الذي يشغل حالياً منصب وزير خارجية إسرائيل، معلناً اعتزازه الشخصي بعد مقاطعة بعض الزعماء العرب مؤتمراً دولياً شارك فيه, معتبراً أن هذا يزيد من شأنه, ويضعه في مصاف زعماء الدول, ويجهل هذا المأفون,
 الذي أوصلته العنصرية والحقد والجهل والصدفة إلى موقعه هذا, أن الكثير من زعماء الدول, ممن هم على شاكلته ذهبوا غير مأسوف عليهم إلى مزبلة التاريخ, ولم يذكروا بعد أفول نجمهم إلا باللعنات تنصب على ذكراهم, ولعل من المفيد أن نضع تحت أنفه – لانه لا يرى أبعد من ذلك - إسم أدولف هتلر ليفهم ما نعنيه, لعله يتعظ ويتفهم أن المواقع لا تصنع الرجال ولا تبني لهم تاريخاً مجيداً, وأن الساسة العظماء وهو ليس منهم بالتأكيد هم الذين يعطون لمواقعهم أهميتها ووزنها ويدخلونها التاريخ الناصع. هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركية الأسبق, وبغض النظر عن اتفاقنا مع توجهاته أو اختلافنا معها, أعطى لموقعه ألقاً تجاوز به موقع سيد البيت الأبيض, وهو مازال بعد عقود من تركه منصبه, صاحب كلمة تؤخذ بعين الاعتبار في السياسة الخارجية لاميركا, وما زالت العديد من دول العالم تعيش على وقع سياساته التي انتهجها, وشارل ديغول ما زال مؤثراً في السياسة الفرنسية, بعد عقود من وفاته, فحزبه ما زال موجوداً وأتباعه ظلوا مؤمنين به, وهو الرجل الذي حجز لبلاده موقعاً في مجلس الأمن الدولي, رغم أن قوتها لا تقارن بقوة العديد من الدول الكبرى, والرئيس التشيلي سلفادور اليندي, الذي استشهد مدافعاً عن الحرية في وجه مطامع العسكريين في السلطة, حجز بدمه موقعا لإسمه في أشد صفحات التاريخ نصوعاً وألقاً, بينما ذهب بينوشيه إلى أكثر الزوايا ظلمة, والأمثلة كثيرة, لكن المؤكد أن ليبرمان لا يقرأ, ولا يجيد غير الهذر بتصريحات تلحق الضرر بشعبه قبل أن تصيب الآخرين. يعتبر النازح حديثاً إلى الدولة العبرية, وبمعنى أنه لا هو ولا أجداده ساهموا في إنشاء دولة إسرائيل, أن حكومته اليمينية العنصرية المتطرفة، قدمت مبادرات وصفها بأنها طيبة للفلسطينيين، إلا أنها لم تتلق منهم سوى الصفعات, وهو يعددها متبجحاً، بأنها إزالة عدد كبير من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية، متجاهلاً بقاء أكثر من 500 حاجز بأشكال مختلفة، والسماح بعقد مؤتمر فتح في مدينة بيت لحم, متجاهلاً أن اتفاق أوسلو يعتبر المدينة تابعة للسلطة الفلسطينية, قبل أن يصل ومن معه من متطرفي الفكر الصهيوني إلى مواقعهم, ويمن علينا بالقول إنه تم تجميد  الاستيطان في الضفة, ويتناسى أن ذلك لم يتم إلا نتيجة ضغوط دولية – أميركية على وجه الخصوص -  وبعد كل ذلك يأخذ على السلطة الفلسطينية تسمية شارع باسم الشهيدة دلال المغربي, التي كان دمها مشعلاً أنار طريق العودة وبناء السلطة الفلسطينية كمقدمة لبناء الدولة العتيدة. لا ينسى ليبرمان, وهو يفعل ذلك دائماً, أن يهدد الفلسطينيين بالويل والثبور وعظائم الأمور, إن هم أعلنوا دولتهم من جانب واحد. ولم يترك الفرصة تفوت لاستدرار عواطف المستوطنين بالنفي مجددا وجود اتفاق لتجميد البناء في القدس المحتلة، وتبجح كثيراً وهو يعلن أن إسرائيل لن تقبل أي إملاءات من أي أحد، بمن في ذلك الولايات المتحدة. واللغة هنا واضحة الانتماء إلى حراس الملاهي الليلية, وبعيدة عن أي انتماء إلى الدبلوماسية التي يجهلها ليبرمان, أو لا يحسنها, لكننا نجد أنفسنا مجبرين على إفهامه أنه بغض النظر عن لغة الشوارع التي يلجأ إليها, وعن تهديداته الفارغة, فان الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة, لان منطق التاريخ والجغرافيا وحقوق الإنسان تحتم ذلك, وعندها سينتظر ليبرمان طويلاً عند أبواب السفارة الفلسطينية, ليحصل على تأشيرة دخول لزيارة بيت لحم أو نابلس, ونتمنى أن يكون طلبه مرفوضاً من أحد الأوفياء لدم دلال المغربي.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram