TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رجال السعادة

العمود الثامن: رجال السعادة

نشر في: 6 أكتوبر, 2020: 06:11 م

علي حسين

لم يعرف تاريخ الأدب ، كاتباً شغل الناس والنقاد ، مثل الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز ، لا يزال حاضراً بقوة في ذاكرة الناس ، بعد أن ابتدع لنا عالم الواقعية السحريّة. ولكن أليس الواقع الذي نعيش فيه اليوم أغرب من السحر والخيال معا ؟  وما هو أغرب من أن تعجز الحكومة العراقية عن دفع رواتب الموظفين ، وترفع" شعار " لله يامحسنين " ، في الوقت الذي يتباهى فيه العراق بانه ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك .

ظلّ نموذج السياسي المشغول بقضايا الناس يشغل ماركيز طوال حياته، وهو يقول لكاتب سيرته جيرالد مارتن : " لقد تعلّمت أنّ الإنسان عليه أن يساعد الآخرين على الوقوف مرفوعي الرأس إلى جانبه  " .

نسمع كل يوم حكايات من الشعوب التي لا يحكمها ساسة " مجاهدين " ، ولكننا نمر عليها على عجل. لأننا مشغولون بحكايات الصواريخ التي تريد ان تحرر العراق من شعبه !!  ،ولهذا لا نتوقف على خبر مثير يقول إن تجارة دولة الامارات غير النفطية وصلت إلى اكثر من 400 مليار دولار في 2019 ، سيقول البعض يارجل لماذا تكتب دائما بإعجاب عن سنغافورة واليابان والامارات ؟ ، لأن هناك  ياسادة ما يمكن الكتابة عنه ؟ تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ تأملوا معي غياب العدل والرفاهية ، ورائحة  الطائفية  التي تخرج من أفواه المسؤولين.

كان لي كوان من رجال السعادة والرفاهية ، بدل من أن يؤسس لحكومة ثورية تُجهز الجيوش لمحاربة ماليزيا لانها طردتها من الاتحاد الماليزي، ، قال للصحفيين :"سنشكل حكومة قادرة على التحدي " .

رجال السعادة في هذا العالم الذي تُسرق فيه خزائن الحكومات ، هم الذين  يدركون أن الانتصار في الحياة ، هو بث السعادة في نفوس جميع ابناء البلد ، عندما قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الامارات العربية عام 1971 كان العراق يسمى آنذاك المانيا الشرق ، وبعد خمسة عقود تحولت الامارات الى واحة من الجمال وورشة للعمل والسعادة ، فيما لا يزال العراق حائرا في عدد العطل الدينية وتوزيعها بين السنة والشيعة ، ونسبة البطالة فيه اقتربت من الاربعين بالمئة  .

في المرات التي اعيد فيها قراءة مذكرات السنغافوري لي كوان ، تمر امامي صورة هذه الجزيرة التي كانت حتى عام 1965 تسمى جزيرة البعوض ، و لا تستطيع تسديد رواتب موظفي الدولة،  ويوم ودّع لي كوان الحياة قبل خمسة أعوام، كانت سنغافورة على مقاعد الدرجة الأولى في آسيا ، فيما الامارات تتطلع كل يوم الى صورة مؤسسها الشيخ زايد ، وهو يبتسم بعد ان تمكن من تاسيس دولة حديثة ، كانت قبله مجرد دول صغيرة ، ليحولها إلى اتحاد حقيقي شعاره بث السعادة والطمأنينة في نفوس المواطنين

هناك دول تنهض لتنافس في استكشاف الفضاء ، ودول تتحول إلى مخيمات للاجئين والمشردين، وهناك قادة يوسعون الأفق ويؤسسون لبلدانهم تاريخ جديد من المحبة والعمل والسعادة ، وهناك ساسة مهمتهم اشاعة الفرقة بين ابناء الشعب الواحد واشاعة الخراب .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalidmuften

    هل هناك مقارنة بين ماركيز الكولومبي والكنفوشي ابراهيم الاشيقر في سرقة المال العام .؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram