د. باسم عبد الهادي حسن
قبل مدة كتب عالم الاقتصاد العراقي الدكتور أحمد إبريهي بحثاً جديراً بالاهتمام كرس فيه مجموعة من أفكاره التي دعا لها في أكثر من مناسبة والتي تتمحور حول أهمية اعتماد الصناعة التحويلية وضرورة تحقيقها نسبة نمو لا تقل عن (7%)
لكي يستطيع الاقتصاد العراقي ألأن يتجاوز خلال مرحلة زمنية مشكلة الاقتصاد الريعي وأحادية المورد المالي وينتقل الى مرحلة الاقتصاد المتنوع القادر على دفع عملية التنمية ومواجهة الصدمات الخارجية السلبية الناجمة عن تغيرات أسعار النفط، والتي نعيش اليوم واحدة من اخطر حالاتها نتيجة تراجع الطلب الذي سببه الاغلاق الكبير بعد ظهور جائحة كورونا.
ومع جُل احترامنا لما قدمه الدكتور إبريهي إلا أنني أرى أن السبب الاساس لا يكمن في اختلاف المفاهيم والرؤى الاقتصادية وانما في تقديم أولوية الانفاق السياسي على حساب الانفاق الاقتصادي لدى كل الحكومات السابقة وهذا ما جعلها تغط في النوم على وسادة النفط وبشكل اختياري وتفضله على أية بدائل اخرى لأن النفط لا يحتاج الى جهد، ولكن بعد ان سحبت الازمات (لاسيما الاخيرة) تلك الوسادة فقد افاق الجميع على حقيقة مفادها أننا فشلنا في إدارة الاقتصاد الى الحد الذي بتنا لا نعرف هل نملك ما ندفع به الرواتب الشهرية أم لا، وإن (ورقنا هذا) لا نستطيع أن نبتاع به ما يسد حصتنا التموينية.
ما يقترحه الدكتور إبريهي لن يستطيع تحقيقه من غطّ في غياهب النوم السياسي وجل ما فعله هو تسطير الأفكار على شكل مجلدات يسميها ستراتيجيات فيما ينبري نائم آخر ليقول إنها ستراتيجيات وليست ستراتيجيات من دون أن يعرف كل منهما ما في داخلها من مضامين وهل تحققت أم لا، اليوم وفي ظل هذه الضائقة فإن الحلول باتت أكثر من صعبة ولا بد أن يتحمل المواطن تبعاتها بشكل أو بأخر، فالموارد المالية ضعيفة ولا تسد النفقات الجارية والاستدانة وصلت الى مراحل حرجة إلا أنها لا تزال أهون الحلول، ولكن التوقعات باستمرار الأزمة المالية يستدعي التفكير بحلول أخرى لا تزيد من الهشاشة المالية وربما تكون من بينها إعادة النظر بسعر الصرف ومستوى الرواتب، أما في الأجل الطويل فإن الحلول تتطلب أن يكون الاقتصاد هو المتغير المستقل في العلاقة مع السياسة التي يجب أن تكون المتغير التابع في تلك العلاقة، والا فأن أفكار كل أهل الاقتصاد ستبقى مجرد هواء في شبك.