عامر القيسي
لم يتعرض حراك احتجاجي شعبي منذ 2003 حتى اللحظة الى محاولات تسقيط منهجية من الأقلام المأجورة والملوّثة كما يحدث الآن مع ثورة تشرين النقية ، دعك عن المحاولات السياسية لركوبها وحرفِها والاندساس بين صفوفها وتهديدها بالترهيب من عواقب الاستمرار !
لست معنياً بالحراك السياسي المنافق ضدها ، فالطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة تعرف جيداً بمجسّاتها وحاسة الشم غير الكورونية لديها وتحسسها ، مدى خطورة ثورة الشباب التشرينية العفوية والنقية و أهدافها التي انطلقت من أجلها .
ما يهمني هنا ، تلك الأقلام الملوّثة والبرامج الفضائية الخبيثة والتباكي على الثورة من الضياع والانحدار الى مستويات الفوضى ، وهي أقلام منافقة لئيمة مدفوعة الأجر والأجرة من قوى دقّت الثورة ناقوس الخطر لوجودها وهيمنتها وتحويلها للبلاد الى كومة خراب يبكي عليها الأعداء قبل الأصدقاء !
المؤسف أن تلك الأقلام والأصوات كانت الى فترة قليلة سابقة مدافعة عن الثورة وبعضها التقطت السيلفي في ساحات التحرير مع نشطائها من أجل الترويج وشراء المواقف المجانية ، لكن أقنعتها سرعان ما تساقطت وتهاوت مع احتدام الصراع بين قوى تريد وطناً بلا فاسدين وطائفيين وقتلة وقوى الحرس المدجج بالكواتم والمحمي بالاختطافات " المجهولة " والتي تقاتل من أجل بقاء العراق على ماهو عليه ، فهي الحالة الأمثل لديهم للبقاء وتصفية الحساب مع الوطن والشعب دفعة واحدة !
يأخذون على الثورة التشرينية سلبياتها متناسين وغافلين ، عامدين متعمدين ، أن الثورة هي بنت المجتمع العراقي بكل مافيه من إيجابيات وسلبيات وهو مجتمع غير ملائكي فيه من المآخذ ما لا يذكر هنا احتراماً له ..
متناسين أن الثورة انطلقت لأن شبابها وشيبها ونسائها وصلوا الى أقصى درجات الصبر والتصبير على حياة لم تعد صالحة للعيش الآدمي بكل عناوينها وتفرعاتها الإنسانية ، فنزلوا الى الساحات بحثاً عن وطن آمن تكون فيه الحياة الإنسانية كريمة ومكرّمة ..
أقلام غاصت في مستنقع معاداة تطلعات الشعب العراقي ، ووصلت الى حدود التحريض على قتل شباب الصدور العارية واختطاف الناشطين واغتيال من يقول كلمة الحق بحق الثورة وثوارها !
أقلام رخيصة تقلب الحقائق وتروّج للفاسدين والطائفيين ، يتحول لديها النهب الممنهج لثروات البلاد الى أخطاء في الأرقام والاختطاف الى ثارات عشائرية والاغتيال الى جرائم جنائية وشعارات البحث عن وطن آمن كريم الى أجندات خارجية !
أقلام التقطت من أفواه السياسيين الفسدة وهم ينبحون بها مفردات " الجوكرية " و" أبناء السفارات " لترّوج لها و وتسوّقها مدافعة عنها وعن خباثتها مضيفة إليها بهارات الكلام كي تصبح طبخة صالحة للتذوق ممن أصابتهم كورونا السياسة والسياسيين الحفاة !
أقلام لاتريد أن ترى جثث الشهداء ولا المصابين ولا تسمع صرخات الاحتجاج إلا بكونها مسرحية هزلية وليس كوميديا سوداء تكشف الواقع والوقائع على حقيقتها وكما هي في الوجع العراقي المستدام ..!
أعداء ثورة الشباب التشريني وبينهم أصحاب الأقلام الملوثة يدركون جيداً ، أن الثورات لاتموت بالدعايات والادعاءات والتشويه وقلب الحقائق ، ويدركون أن الثورة إنْ خبت اليوم فهي قائمة على نار تحت الرماد ..!
الى كل الأقلام الملوثة نقول : نعم يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت.
ويوم تتكشف كل الحقائق وتقول ساحات الاحتجاج قولتها الفصل آجلاً أم عاجلاً سيكتشف أولئك الملوثة أقلامهم في أي مستنقع كانوا يخوضون !