علي حسين
عندما سُئل المستشار الألماني هلموت كول عن الصورة التي يتمنى أن يتذكره الناس بها قال: "مواطن ألماني".
تصادف هذه الأيام ذكرى ثلاثين عامًا على إعادة توحيد ألمانيا عندما قال هلموت كول للألمان، وهو يشاهد جدار برلين يتهدم قطعة قطعة: "أعيدوا قراءة التاريخ بهدوء، القضية الكبرى ليست ما فعله الجدار بنا، المسألة الكبرى هي ما سنفعله بعد إزالة الجدار".
ربما سيقول البعض، ما لنا ومال ألمانيا وجدارها ومستشارها، ونحن هذه الأيام نعيش محنة الإفلاس، وأقول إن ما تعلّمته في الصحافة والكتب، يؤكد أن الاهتمام بالأحداث الآنيّة لا يمنعنا من تسليط الضوء على ما يعيق التقدم نحو المستقبل، المشكلة اليوم أن هناك شيئين في العراق، لا يمكن السيطرة عليهما، بعض "لطفاء" الفضائيات، كما في أمر السيد نجاح محمد علي الذي يطالب بأن يكون العراق محافظة إيرانية، والثاني نظرية عادل عبد المهدي لفهم الواقع ، ففي لفته تذكرنا بنظريات الاقتصادي جون كينز عندما وضع نظرية الاقتصاد الكنزي ، يريد منا عادل عبد المهدي ان نترك له المجال ليضع نظرية " عادلة " للاقتصاد العراقي ، وستذكرنا هذه النظرية حتما بعدالة السيد عبد المهدي في القصاص من المتظاهرين ، وفي عدالته بوضع حنان الفتلاوي على كرسي المستشارية .
عندما توحدت ألمانيا من جديد، قبل نحو ثلاثين عامًا، كان الثمن مئات المليارات دفعتها بون، المدينة التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وقد اقتضى نهوض الألمان من ركام الموت والخراب وجود رجل دولة يدرك مسؤوليته تجاه شعبه، فوقع الاختيار على "كول" الذي سمي فيما بعد "مهندس ألمانيا الجديدة" لأنه استطاع وخلال سنوات قليلة أن يجعل من هذه البلاد، واحدا من أقوى اقتصاديات العالم.
وصف كثير من المؤرخين كول بالثعلب والداهية، فهو يستغل ابتسامته اللطيفة والحنكة التي تعلمها من والده محصل الضرائب للوصول إلى أهدافه، ولم يتأخر يومًا عن طلب المساعدة من سياسيين مثل تاتشر التي كانت تقول عنه "إنه ألماني عنيد " ، وحين قال له ميتران يومًا إن ألمانيا ستعود دولة عظيمة مرة أخرى، ابتسم وهو يرد: "لا نريد دولة عظيمة، لأن ألمانيا العادية ستصبح يومًا أهم دولة في أوروبا. ومن دون صرخات هتلر، ففي السلم فقط يمكن لنا أن نبني بلدًا مزدهرًا" .
على أي حال، مثلما أنا استذكر الألماني هلموت كول، فأنا أيضًا معجب بنباهة السيد عادل عبد المهدي ، فأجمل ما فيه أنه أ ينشط هذه الايام لتذكيرنا بالمنجزات الكبيرة التي قدمها اثناء عهده الزاهر ولهذا نراه يطالب بإعادة تصحيح المسار الديمقراطي لهذه البلاد، بالدعاء ليلة القدر على كل من يذهب الى ساحة التحرير او الحبوبي .