اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: جريمة المرأة وجريمة الوطن

العمود الثامن: جريمة المرأة وجريمة الوطن

نشر في: 19 أكتوبر, 2020: 08:57 م

 علي حسين

لم أستطع مشاهدة صور جثة أحد الطفلين اللذين ألقتهما أمهما في نهر دجلة إلى النهاية ، كنت حزينًا، وأنا أرى كيف تحولنا إلى وحوش، وكيف نجيد فنون القتل والحرق والذبح.

طرق ووسائل نادرة ومبتكرة من الهمجية وغياب الإنسانية، سيقول البعض إن ما فعلته هذه المرأة جريمة بحق الإنسانية، وهذا أمر لا خلاف عليه، لكن سنقول، ياسادة، هل أن هذا المشهد يبدو اليوم غريبا ؟.. منذ عقود وهذا الشعب المغلوب على أمره تحول إلى آلة حاسبة تعد كل يوم عدد القتلى والمغيبين والمهاجرين إلى المجهول.. طبعًا لا يمكن حساب عدد الذين يسيرون حفاة ومعدمين. 

بالأمس امتلأت صفحات الفيسبوك وتويتر بحكايات عن هذ المرأة وجريمتها البشعة، والبعض نصب نفسه قاضيًا، لكن هذا البعض لم يسأل نفسه: كيف يعيش ملايين الفقراء في زمن يبلغ فيه راتب النائب "المجاهد" أكثر من ثلاثين مليون دينار؟ ليعرف جيدًا أن القسوة لم تنبت من فراغ، إنها مثل ظواهر كثيرة أفرزها مجتمعنا المليء، بحكايات الفقر والموت والتنكيل بالنساء .

كل ما حدث ويحدث من جرائم غريبة في هذه البلاد ، ومن انهيار لقيم الحياة، هو صناعة سياسية خالصة، فبأيدي ساستنا الأشاوس كتبت أسوأ صفحات في تاريخ هذه البلاد ، الكل يصرخ "افقروهم " ، الكل مشغول بابتكار وسائل جديدة للسرقة، لكن لغة الساسة واحدة: الحرق لكل من نختلف معهم.

من أوصلنا إلى مشهد " الام التي ترمي اطفالها في النهر " وقبله مشاهد حرق النساء ، وانتحار الشباب ، مشاهد تجري وسط صمت المسؤولين الذي رأوا فينا أقوامًا خارجة على الملّة.. موهمين البسطاء أن طريق الجنة مفروش للذين يكرهون الحياة ، وأن الفقر مفتاح الإيمان.

نُقتل باسم الاصلاح، وتسرق اموال الارامل واليتامى وسط تهليل وتكبير لقادة هذه البلاد ، ثم يخرج نوابنا الافاضل على الفضائيات يتحدثون عن المؤامرة الصهيونية، ويشتمون أميركا ، وينسون انهم حولوا هذه البلاد الى وطن للمعوزين والفقراء ، فيما يدور الجدل هل نعلن الافلاس ، ام ننتظر ان تتعطف علينا دول العالم ؟ ، والمعركة التي يخوضها ساستنا الاشاوس ، ليست حول احوال الناس وسعادتهم وعيشتهم ، بل حول المنافذ والمقاولات والمشاريع ، ومن اجل هذه المناصب، لا بسبب انهيار القيم ، وغياب الرحمة شاهدنا هذه المراة تفرط باعز ما عندها في الحياة ، في الوقت الذي لا يكف فيه محمد الكربولي من تذكيرنا ان الذي الموظف الذي يطالب براتبه عليه ان يجلس في البيت ، فلا اموال بعد ان حصدت عائلة الكربولي مئات الملايين بخطابات انتهازية ، فيما لا احد يجرؤ أن يسال السيد المالكي اين ذهبت ميزانيات ثمانية سنوات عجاف ؟ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

 علي حسين تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما "...
علي حسين

قناطر: الجامعة العراقية وفخرية الدكتوراه لضياء العزاوي من لندن

طالب عبد العزيز تنهدم البلدان بتخليها عن تقاليد شعوبها، وقد أثبتت التجارب في المجتمعات العريقة المحتفظة بتقاليدها أنَّ ذلك هو الصواب. ولسنا في وارد الحديث عن التقاليد، أيِّ تقاليد إنما ما هو حياتيٌّ، ونبيلٌ،...
طالب عبد العزيز

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

د. اسامة شهاب حمد الجعفري يحتل قانون الاحوال الشخصية في حياة الفرد مركزا حساساً لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياته الاسرية وتعلقه بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي. فمن الطبيعي جداً ان تتجاذبه الاراء خاصة وانه اضاف...
د. اسامة شهاب حمد الجعفري

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

د. طلال ناظم الزهيري في عالم محكوم بالصراع والتنافس، تظهر مفاهيم وممارسات جديدة تقود هذا التنافس وتتحكم في إيقاعه لصالح طرف أو آخر. واليوم، ومع المد الجارف لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها المؤثر في تشكيل...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram