TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مزاد التموينية

مزاد التموينية

نشر في: 12 نوفمبر, 2012: 08:00 م

التسييس والمزايدة والمكايدة أصبحت سمة بارزة في سياسات البعض من الاقتصاديين أو السياسيين كما لمسنا ذلك واضحاً في الدفاع عن تأجيل التعرفة الكمركية، تباكياً على فقراء العراق وخوفاً من ارتفاع الأسعار، رغم أنهم يعلمون علم اليقين أن التعرفة ستكون ركناً أساسياً في التنمية الصناعية والزراعية، ولا يمكن تصورهما بدونها.
والآن وبعد الإعلان عن إلغاء البطاقة التموينية تتم المزايدة على قرار إلغاء التموينية رغم أن جميع المزايدين يعلمون علم اليقين أنها لاتسمن ولا تغني من جوع كماً أو نوعاً. حيث معدل الفقر لم يتأثر بها ولا تغطي احتياجاته، فعلّة الفقر إذن ليست تموينية بقدر ما هي سياسية.
كما أن أسباب التموينية كان الحصار الاقتصادي السابق هو محرك عملياتها وإجراءاتها وكيف منعت العراق من الانهيار الاجتماعي والاقتصادي وقد كانت تجربة ناجحة والحق يقال. وبعد عام 2003 اختلفت العوامل والوسائل والسياسات بحيث أصبح صندوق النقد الدولي يطالب بخفض مستوى الدعم ضمن شروط نادي باريس وهذا ما يعلمه جيداً المعارضون.
إضافة إلى أن السادة المعارضين للإلغاء لديهم علم كامل بالفساد الذي أطاح بوزير التجارة وغيره وليس في عالم التجارة فقط. وأسبابه معروفة والجميع مواكب له ولا يمكن تعليقها على شماعة واحدة أو اثنتين إذا ما أريد غير المكايدة والمزايدة والتسييس المفلس.
والتصيد في أخطاء معلومة الأسباب خصوصاً الشركاء المعارضين، أو كل من يدعي أنه الناطق الرسمي لفقراء العراق.
ولا بد من التذكير أن البطاقة التموينية لم يقنع بها الفقير والغني حيث أفلست تماماً وأصبحت مجرد ينبوع من ينابيع الفساد لا بد من تجفيفه ولا يمكن إصلاحه، أما البديل الذي هو خمسة عشر ألف دينار فقد يكون قليلا فهذا ما يمنح الحكومة مرونة أكثر في التعامل مع هذا الملف فكلما ارتفعت الأسعار يمكن معالجتها أما بزيادة المبلغ أو دعم المستورد والمنتج المحلي، حيث كانت يدها مغلولة في التصرف مع الفساد والتضخم الدولي وبيروقراطية الأجهزة ومشاكل الوكلاء والناقلين ...... الخ.
فبإمكان الحكومة مثلاً دعم الطحين بحيث يستطيع الفقير أن يشتري الخبز بأرخص من السعر الحالي ويذكرنا هذا بدائرة الإعاشة (بسعر أربعة فلوس) للرغيف وهذا مقدور عليه بالنسبة للحكومة وهي شديدة الاهتمام بذلك على الأقل من الناحية الانتخابية وتجميع الأصوات للصندوق القادم.  ولعله في هذه الحالة سبباً لمزايدات البعض كما تمت المزايدة على البنى التحتية تباكياً على ديون مقبلة تدفعها الأجيال.
ولذلك يمكن أيضاً للحكومة أن تدعم الرز والسكر سواء لزراعة والصناعة لهذين المحصولين أو إعفاء كمركي كامل حتى الـ(5%) وهذا أيضاً بإمكان الحكومة من خلال المبادرة الزراعية أو الصناعية في أحياء معامل السكر وكذلك مزارع الشلب، وهذا يقلل من الفساد لأنه يترجم أرقام مكشوفة في الساحة تكون أيسر من حيث المراقبة أو المقارنة
من جانب آخر تستطيع الحكومة دعم الفقراء والمقربين من خطهم أن توفر مثلاً المشتقات النفطية بسعر أزهد من الحالي وكذلك تعزيز العيادات الشعبية والمستشفيات الحكومية بالدواء والكادر كما أنها مطلقة اليد في مشكلة السكن وكيفية تسليف المساكن الشعبية عمودياً وأفقياً ودعم المدارس والجامعات وبإمكانها كذلك زيادة عدد من تحجب عنهم البطاقة التموينية التي لا تساوي عندهم شيئاً يستحق المطالبة خصوصاً الدرجات الخاصة والقريبين منهم المفروض أن يستنكفوا من التطفل.
وختاماً فإن من يخشى فساداً في إلغاء التموينية كمن يكف عن الطبخ خوفاً من فساد الطبخة ولكن الجوع يبقى قائماً متفاقماً ولم ولن تعالجه التموينية الحالية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ترامب يقدم اقتراحا لإيران ويحذر من "أمر سيئ"

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصل إلى بغداد

نائب يحذّر من انفجار شعبي وشيك بسبب الأزمة المالية ويصف قرارات المالية بـ"التصعيد الخطير"

الدفاع تدعو المقبولين في الدورة 89 للالتحاق

الجامعة العربية: قمة بغداد فرصة لنقل رسائل قوية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: بيل غيتس ودراويش بلاد الرافدين

العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

العمود الثامن: الزعيم منزعجاً

العمود الثامن: إخجلوا !!

تفكيك الأمم المتحدة ومنظومة العدالة الدولية..؟

العمود الثامن: إخجلوا !!

 علي حسين يخوض السياسي العراقي، وعذراً على كلمة "سياسي" التي لا تنطبق على 80 بالمئة ممن نشاهدهم على شاشات الفضائيات، معارك من اجل المغانم بحجة انهم تبحروا في علوم السياسة حتى تجاوزوا عميد...
علي حسين

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

طالب عبد العزيز بعيداً عن السردية الدينية التي تؤسس لمقبرة النجف(وادي السلام) يتوجب على الدولة العراقية أنْ تفكر ملياًّ في المساحات الشاسعة من الأرض التي تقضمها المقبرة، إذا ما علمنا بأن 500.000 الف جنازة...
طالب عبد العزيز

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

ثامر الهيمص نعم الغاز الايراني بات درسا، بل قاسيا وضعنا في حرج شديد ووضع الحليف الامريكي في الاشد انسانيا واخلاقيا. اذ لا زال الغاز الايراني يتدفق باريحية عالية الى تركيا, فبطلت الحجة. وهكذا بلا...
ثامر الهيمص

بيت المنقسم والمعركة المؤجلة: أزمة الشرعية في ظل استحقاق انتخابي مضطرب

محمد علي الحيدري حين تقترب اللحظة الانتخابية، لا تختبر الأنظمة السياسية فقط قدرتها على التنظيم والإدارة، بل تُعرّي أيضًا بنية التفاهمات التي قام عليها التوازن السياسي في مرحلة ما. وفي الحالة الراهنة، يبدو أن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram