طالب عبد العزيز
هل خذل جهاز مكافحة الارهاب بقيادته القوية التي حاربت داعش أنصاره في بغداد، وقد مضت على عودة قائده الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، صاحب السمعة العريضة في قتال الموصل وصلاح الدين والرمادي أكثر من 4 شهور؟
مثل هذا السؤال سيسأله المواطن البسيط الذي وضع أمله كله في الجهاز البطل، ذي السمعة التي وسعت الآفاق، ومثل السؤال هذا يشجعنا أن نقول: وماذا عن وزير الداخلية الفريق عثمان الغانمي فهو من أبطال الجيش العراقي المعروفين، وكذلك الحال مع الفريق عبد الوهاب الساعدي، ورهطهم الأبطال، من المشهود لهم بالوطنية والشجاعة والنزاهة.
لن نتحدث عن شخص رئيس الوزراء الكاظمي، فهذا الرجل لم يكن معروفاً عنه أكثر من عمله في الصحافة، ومن ثم اختفائه في قيادة جهاز المخابرات، الذي لا يعتمد في عمله على المواجهة المباشرة، إنما على العمل المخابراتي، البطيء والخجول أيضاً، في بلاد تستغني عن جهده بمخابرات دولتين كبيرتين(أمريكا وإيران) فضلاً عن كونه ساحة مفتوحة على أجهزة دولية أخرى، بحسب ما نلمسه، ويتحدث عنه القريب والبعيد. ولنتذكر أنه قال في أول كلمة له:" بأنَّ حكومته هي حكومة حلّ وليست حكومة أزمات" وهكذا ظل الرجل وفياً لجملته هذه، فلم يحدث أن واجه أي من المشاكل التي اعترضته بالسلاح، في أمر قد يفسر ضعفاً وقد يفسر حكمةً، مع أن الحكمة مستبعدة جداً هنا.
خابت آمال المواطن العراقي في أجهزته الأمنية كلها، وصار أعزلاً مكشوفاً، ويائساً، يتطلع الى قوة أجنبية، تخلصه مما هو فيه ويعاني منه يومياً، ولعله بات يعلق آماله كلها في ما ستفضي اليه الانتخابات الاميركية، بعد أن عجز جهاز مكافحة الارهاب ووزارتي الداخلية والدفاع وسواها من التشكيلات المسلحة العراقية عن مواجهة الجماعات المسلحة(المليشيات) ويؤسفه أن الاسماء الفخمة والرُتب الرنانة لم تعد تشكل عنده شيئاً، كذلك يؤلمه تساقط البطولات، فقد اثبتت التجارب على أنَّ من صفق وهلل لهم ذات يوم إنما هم عاجزون عن مواجهة عصابة صغيرة، كالتي اقتحمت وحطمت محال بيع الخمور في الكرادة.
كل العراقيين يقولون بان التشكيلات الأمنية العراقية إنما تشكلت بإرادة غير وطنية، وهي قوة أحادية المذهب، وفي وصف دقيق قوة طائفية، لذا سيكون من العسير عليها مواجهة مثيلاتها في الانتماء، وإنْ عبثت بأمن البلاد، ورجعت بها الى القرون الوسطى، وإنْ تحطم اقتصادها وهجرها ابناؤها، وبذلك باتت على المحك سمعة وحقيقة شجاعة الأبطال، الذين حاربوا داعش، ووقفوا المواقف المشرفة في حماية الوطن والمواطن هناك. لنتذكر التظاهرات الحاشدة التي جابت شوارع مدينة الصدر، المطالبة بعودة الفريق الساعدي الى جهاز مكافحة الارهاب بعد عزله من قبل عادل عبد المهدي، فالمتظاهرون يطالبونه اليوم بموقف شجاع وبطولي في التصدي للجماعات المسلحة التي تعرقل عمل الحكومة وتهدد أمن المواطن، فأين الرجال من هذا كله؟ ولماذا لم نر لهم صولة واحدة ضدهم؟ أين الخلل؟ ومن يقف وراء عجزهم؟
كل المؤشرات تشير الى أنَّ الأجهزة الامنية (الوطنية) لن تتمكن من ضبط الأمن، بل هي أضعف من أن تواجه عشيرة، ذلك لأنها بلا صبغة وطنية، وهي مخترقة من الطول الى الطول بولاءات داخلية وخارجية، وأن ما قامت به في الموصل وصلاح الدين والرمادي وعموم المناطق الغربية في محاربة داعش مختلف تماماً عمّا يتوجب عليها القيام به في الوسط والجنوب الشيعيين، فالمواجهة هنا يحددها المذهب، وللطائفة وأئمتها ومنابرها وطقوسها أحكام وخطوط حمر لا يمكن تجاوزها، ويحددها تدخل إيران في إدارتها، لذا، على كل من كان بطلاً هناك أن يحتفظ ببطولته، ويكتفي بالصور التي التقطتها له الكاميرات، وأن يعيش ما تبقى من أيامه على نصفه المضيء، يقلّب ألبومات الصور، ويكتب تاريخاً ناقصاً