ثائر صالح
قصة اليوم عن واحد من الموسيقيين الذين عزفوا على أداة فيولا دا غامبا، أي فيولا الساقين لأنها تمسك مثلما يمسك التشيلو المعاصر لكن من دون شوكة تستند على الأرض،
وهي واحدة من أفراد عائلة الفيول الكبيرة التي تطورت عنها كل الوتريات العاصرة. الكابتن توبياس هيوم (ولد بين 1569 / 1579 وتوفي سنة 1645) هو موسيقي وجندي محترف سكتلندي شارك في حرب الثلاثين عاماً.
فقد خدم ثلاث سنوات في الجيش السويدي (1598 – 1600) في زمن كارل التاسع، وسنوات غير معلوم عددها في الجيش الروسي (أنهى الخدمة في 1629). ويبدو أنه تواجد بين هذين التاريخين في الدنمارك بعد 1600 وكذلك في بلاط كارل التاسع كموسيقي كذلك بسبب وجود إشارات الى تورطه في "عركة" بين الموسيقيين الإنكليز هناك كتبها موسيقي انكليزي.
لكنه كجندي محترف، مرتزق، وكموسيقي على حد سواء لم ينجح في كسب ما يكفي لعيش حياة طبيعية، فاضطر بعد إنهاء عقده الروسي سنة 1629 لدخول تشارترهاوس (مأوى خيري للفقراء من المساجين والجنود وخدم البلاط السابقين ومدرسة أسست في 1611، أصبح اليوم أحد أرقى مدارس النخبة في لندن)، وفشلت مساعيه في الحصول على دعم من الملك والبرلمان. كل هذا حصل في فترة ذهبية من تاريخ إنكلترا عاش وأبدع فيها معاصروه ومجايلوه ويليام شيكسبير وفرانسيس دريك في الأدب وهنري برسيل وجون دولاند وويليام بيرد في الموسيقى.
نشر هيوم مجموعتين للفيول، الأولى "فكاهات موسيقية" سنة 1605 والثانية "موسيقى كابتن هيوم الشعرية" سنة 1607. لعل في عنوان المجموعة الأولى نوع من التلاعب بالكلمات، فكلمة فكاهة بالإنكليزية Humor تشبه اسمه Hume، وهي تتألف من 117 قطعة، 104 منها مكتوبة لأداة فيولا دا غامبا التي استعملها الكابتن، وغدت اليوم واحدة من الأعمال المفضلة لعازفي الفيول المبتدئين، لأنها سهلة نسبياً لكنها جميلة تحتوي الكثير من الابتكارات. لديه كذلك أعمال منشورة أخرى غنائية أو لفرقة موسيقية. استعمل هيوم طريقة تابولاتورا (tabulatura) لتدوين أعماله، وهي طريقة تعتمد على تدوين موقع الأصابع على رقبة الأدوات الموسيقية (الزند) خاصة تلك التي تحتوي على عتبات مثل اللوت والغيتار والفيول بدلا من تدوين درجة النغمة وزمنها وديناميكيتها كما هو معرف في التدوين الموسيقي التقليدي. وهذا أحد أسباب عدم انتشار عزف الأعمال المكتوبة بهذه الطريقة.
لا نعرف إلا القليل عن حياته كجندي وكموسيقي، وأهمل ذكره معاصروه. لكننا نستدل من اهتمام مؤلف كبير مثل جون دولاند (1563 – 1626) بمجموعة هيوم الأولى ومحاولته دحض أفكاره أنه كان شخصية يحسب لها في وقته. فقد كتب هيوم المجموعة بأسلوب يعرف بالفيول الغنائي، وفيه يعزف العازف اللحن لكن يصاحب نفسه بنفسه عن طريق إضافة كوردات وأربيجيوات (المصاحبة الهارمونية). وتنعكس حياة الجندي في أعماله على الدوام، ونجد كذلك بعض الأعمال الطريفة مثل قطعة لعازفي فيولا دا غامبا على أداة واحدة، أي أنهما سيجلسان على كرسي واحد.
پـافان
تبغ
عزيمة الجندي
وله الموسيقى
من "قفشات" هيوم: عمل لعازفين على فيول واحد