إياد الصالحي
ارتفعت درجة غليان التنافس الانتخابي للفوز بمقعد رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية في المؤتمر المُزمع إقامته بعد أربعة عشر يوماً وسط انقسام الجمعية العمومية بين مؤيد ومعارض للمرشحين للمنصب ذاته أو بقية المناصب دون أي اعتبار لمصير الرياضة ومستقبل الأبطال في ظلّ الإخفاق المتباين للمُجرّبين في قيادة الاتحادات والمكتب التنفيذي منذ عام 2003 حتى الآن.
صراحة، أجاد المرشّحَان رعد حمودي وسرمد عبدالإله خلط الأوراق ما بعد انتهاء المؤتمرات الانتخابية التكميلية بصرف أنظار الحكومة والمراقبين عن خروقٍ - كشفنا عن جزء من تفاصيلها في رسالة مباشرة الى مدير العلاقات والتضامن الأولمبي جيمس ماكلويد نشرتها صحيفة المدى يوم الأثنين 26 تشرين الأول 2020 التزمت الأولمبية الصمت حيالها - وللأسف انجرَّ بعض الزملاء وراء التنافس المحموم، وتناسوا ومعهم أعضاء العمومية أن الأولمبية اضاعت من تاريخها ثمانية عشر شهراً منذ 15 شباط 2019 الذي شهد انتخاب مكتب تنفيذي أبطِلَتْ نتائجه بقرار قضائي الى 26 آب 2020 يوم عُقد اجتماع استثنائي بهدف تنفيذ رسالة اللجنة الأولمبية الدولية المؤرّخة في السابع من تموز 2020 والخاصة بتحديد موعدٍ للانتخابات! ضياع مرير حقاً نتيجة السياسة الخاطئة في إدارة الأولمبية وما ترتّب على ذلك صدور القرار 140 بتفصيلاته المُعلنة والمنفّذة من اللجنة الخماسية وفي مقدمتها تدقيق الأموال المتصرَّف بها منذ نيسان عام 2003 حتى نيسان 2019.
إن مسؤولية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إدارة شؤون البلاد وفقاً لأولويّات تكتسب درجات الأهمية مثل توفير الأمن المجتمعي، وإيجاد حلول للوضع الاقتصادي المأزوم، ومحاربة الفساد، واستعادة حقوق الناس في قضايا كثيرة لن تعفيه عن ضمّ ملف الأولمبية بمحتواه القانوني والمالي ضمن حملته الإصلاحية حيث تشوبه خروق فاضحة "قانونياً ومالياً" خسر العراق جرّائهما الكثير من سمعته الدولية بفعل أزمات التصادم المتوالية، وإهدار ما يقارب 400 مليار دينار لم تستفد منه رياضتنا ولا أبطالها في صناعة الانجاز.
أوّل إجراء يُحتّم على الكاظمي القيام به هو بيان مصير القرار الحكومي 140 الذي ظلّ مُبهماً ما بعد استقالة الدكتور عادل عبدالمهدي في الأول من كانون الأول 2019 بعدما ظلّت نتائج التقارير المرفوعة له من اللجنة الخماسية المسؤولة عن تنفيذه مجهولة أو أنها لم ترفع أصلاً، لما لها من أهمية كبيرة في عملية الاصلاح، فالقرار لم يُلغَ حتى الآن برغم صدور قانون اللجنة الأولمبية 29 لسنة 2019 الذي يُنظَّم شؤونها المستقبلية، كون 140 صادر عن اجتماع رسمي لمجلس الوزراء إما أن يُعدّل أو يُلغى بقرار مماثل، ثم أن اللجنة الخماسية رفعتْ حُزمة من الخروق المالية لعيّنة من الملفات الخاصة بالأولمبية والاتحادات عن طريق وزير الشباب والرياضة السابق د.أحمد رياض الى رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بكتاب رسمي، وأخبَرنا المستشار الرياضي إياد بنيان على هامش حديثه لصحيفة المدى يوم 11 شباط 2020 أن تلك الملّفات مُفصّلة حسب درجات الخروق المالية والإدارية المثبّتة من ديوان الرقابة المالية.
كذلك وجّه وزير الشباب والرياضة عدنان درجال يوم 29 تموز 2020 بإحالة ملف صرفيات وميزانية اللجنة الأولمبية الوطنية الى ديوان الرقابة المالية لتدقيقهما بعد أن كشف الوزير السابق د.رياض للمدى عن اختفاء مبلغ سبعة مليارات وخمسمائة مليون دينار للأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 مُستلم من قبل اللجنة الأولمبية الوطنية ولا يعلم أحد أين أنفِق، كما لم يُعلن درجال عن نتائج الإحالة؟! علماً إننا نقرأ ونسمع عن إحالة أكثر من 200 ملف الى الرقابة والنزاهة والقضاء منذ زمن وزير الشباب والرياضة جاسم محمد جعفر وذلك موثّق في أحاديث مع المدى وغيرها دون معرفة نتائجها، فهل يتحرّى رئيس الحكومة الاصلاحية عن سرّ ذلك؟
وقانونياً كشف الخبير الرياضي د.باسل عبدالمهدي في قراءة نقدية يوم 19 تشرين الأول 2020 أن (النظام الداخلي للجنة الأولمبية الوطنية العراقية صدر وأعلِن ونُشر في الجريدة الرسمية بزمنٍ قياسي مُلفت قبل انتهاء مجلس شورى الدولة مراجعة وتدقيق قانون الأولمبية المشرّع، وهو نظام مُلحق ومتمّم للقانون) ألا تنبّه هذه المكاشفة عن أمرٍ مريب؟!
في ضوء ما ذكرنا، تستوجب المصلحة الوطنية في القطاع الرياضي تجنّب أية أزمة جديدة تعيد سيناريو المعالجة الحكومية بقرار رابع بعد (184 و60 و140) وتحذيرات الأولمبية الدولية وطاولات الحوار الساخن، أن يفتح رئيس مجلس الوزراء ملف القرار 140 الذي أمّنَ أموال الاتحادات الرياضية بشكل مُستقل دون أية علاقة للأولمبية بها، لكنه (أي القرار) لم يؤمّن الثقة بعد بتنظيف المؤسسة من شبهات الفساد طالما هناك خروق مالية مرفوعة للقضاء جرّاء تنفيذه وصدور أحكام قضائية ضد أعضاء في العمومية مقترعين ومرشّحين للعملية الانتخابية الموعودة في 14 تشرين الثاني المقبل، وبخلاف ذلك تستمرّ إساءة استخدام المال الحكومي والتلاعب بمقدّرات الأولمبية على يد أشخاص لا يأبهون لخُذلان مئات الرياضيين وتراجع ألعابهم بقدر تقدّمهم في نيل أعلى الأصوات!