آن هيلين بيترسن .
كان مونتغمري كليفت مرشحاً لجائزة الأوسكار أربع مرات قبل وفاته – توفي عــن عمر 45 عاماً - ، موهبة شابة لامعة ،وأيقونة ، في هذا المقتطف الحصري من كتابها القادم ، تروي آن هيلين بيترسن حياة الممثل ، والموهبة الشرسة ، والانحدار المأساوي .
كتابة / آن هيلين بيترسن
ترجمة / أحمد فاضل
كان لدى مونتغمري كليفت وجهاً أكثر جدية بعيون كبيرة ، فك قوي ، وموهبة تمثيلية لا يشق لها غبار ، لعب دور اليائس والسكير والمخدوع ، وكان مسار حياته مأساوياً مثل تلك الأدوار التي مثلها في السينما ، حيث ترك حادث سيارته في بداية مسيرته الفنية ألماً كبيراً وغصة في نفوس معجبيه ، مما خلق معاناة وجهت طريقة تفكيرنا به حتى اليوم ، ولمدة 12 عاماً ، وهي الفترة الزمنية التي عاشها في هوليوود وأشعل نارها التي لم تهدأ منذ البداية ، فقد تـم تصوير كليفت باعتباره متمرداً ، فعندما وصل إلى هوليوود لأول مرة ، لم يوقع عقداً ، وانتظر حتى بعد نجاح أول فيلمين له للتفاوض على صفقة من ثلاث أفلام مع باراماونت والتي سمحت لــه بتقدير كامل للمشاريع ، التي تعين على بارامونت إعطائه مـا أراد ، وعندما تحدثت الصحافة عنه ، تحدثوا عن المهارة والجمال ، لكنهم تحدثوا أيضاً عن كونه شاباً غريباً أصر على الحفاظ على إقامته في نيويورك ، وقضاء أقل وقت ممكن في هوليوود ، وصف الأصدقاء شقته ، التي استأجرها مقابل 10 دولارات شهرياً ، كأنها " تعرضت لزلزال " ، بينما وصفها هو بأنها "رائعة" ، كان يعيش على وجبتين في اليوم ، معظمهما مزيج من شرائح اللحم والبيض وعصير البرتقال ، وتجنب النوادي الليلية ، وبدلاً من ذلك يقضي وقت فراغه في قراءة تشيكوف ، والأعمال الكلاسيكية للتاريخ ، وكذلك الاقتصاد ، وأرسطو الذي امتدحه لإيمانه بالسعادة ، أو " فن الروح اللطيف " ، وعندما لم يكن يقرأ أو يرهق نفسه استعداداً لجزء ما ، كان يحب الذهاب إلى المحكمة المسائية المحلية وحضور قضايا المحكمة رفيعة المستوى لمجرد مشاهدة المواضيع الإنسانية وكيفية معالجتها.
لم يهتم كليفت بالمظهر الشخصي له ، فقد أطلقت عليه صحيفة لوس أنجلوس تايمز لقب " سيئ البدلة الواحدة " ، وكانت سيارته المهترئة تبلغ من العمر 10 سنوات ،هذه الحكايات والعشرات من أمثالها من شأنها أن تؤسس لشخصية رجل غريب الأطوار إلى جانب مارلون براندو ، على أنهما تجسيد لثقافة الشباب في الخمسينيات من القرن الماضي ، وتمردهما على كل ما كان من المفترض أن يحتضنه الأميركيون بعد الحرب ، ومع ذلك ، كان كليفت يكره الصورة التي قيدته ، تماماً كما كره الإيحاء بأنه كان ساذجاً ، أو غير ودود ، أو مكروهاً في هوليوود ، وكان يقول دائماً :
" تعلمت أن معظم الكُتّاب لا يحتاجون إلى مقابلات للكتابة عني يبدو أن جميع قصصهم مكتوبة مسبقاً " .
كانت حياة كليفت الخاصة مملة ، لم يواعد ولم يغازل ولم يخرج في الأماكن العامة ، كانت صورته ، أكثر من أي شيء آخر ، مربكة ،
لكنه كان وسيماً ومخادعاً على الشاشة وناعماً كما قالت عنه النجمة الراحلة أوليفيا دي هافيلاند ، واستنباط أسلوب التقبيل له كان "ناعماً ولكنه وحشي بشكل كبير " .
لقد كانت تكهنات واهية مبنية على أدلة مهتزة ، ولكن مع عدم وجود أي إشارة على ممارسة حب "حقيقية" في حياة كليفت ، كان افتقاره الواضح للارتباطات الرومانسية هو أكثر ما أربك الصحافة القيل والقال ، كان لديه صداقة وثيقة مع امرأة تدعى ميرا ليتس ، التي حاول كُتّاب أعمدة القيل والقال بصعوبة تصويرها على أنها مصلحة حب ، لكن دحض كليفت كان حازماً ، مؤكداً أنهما لم يكونا في حالة حب أو خطوبة ، لقد تعرفا على بعضهما البعض لمدة 10 سنوات ، وساعدته في عمله ، و " تلك الشائعات الرومانسية محرجة لكلينا " ، كان أيضاً قريباً من الممثلة المسرحية ليبي هولمان ، التي تكبره بـ 16 عاماً ، والتي أصبحت سيئة السمعة في أعمدة القيل والقال بعد وفاة زوجها الثري ، وشائعات عن السحاق ، وممارستها العامة للمواعدة مع الرجال الأصغر سناً ، كان كليفت يحمي هولمان لدرجة أنه عندما عرض عليه أحد أدوار فيلم " شارع الغروب " ، رفضه ، لم ينزعج كليفت من افتقاره الواضح إلى الحياة العاطفية ، فقد أخبر الصحافة أنه سيتزوج عندما يلتقي بفتاة يريد الزواج منها ، في غضون ذلك ، وعندما كان يلعب على أرض أحد الملاعب الرياضية
الملعب" ، سأله أحد كُتاب الأعمدة الصحفية عما إذا كانت لديه هوايات ، أجاب :
" نعم ، النساء ".
تم إخفاء الحياة الجنسية لكليفت ، مثل تلك الأسماء الأخرى في الخمسينيات من القرن الماضي ، روك هدسون وتاب هانتر ، عن الجمهور ، لكن هذا لا يعني أن صحافة القيل والقال لم تلمح إلى شيء مختلف ، شيء غريب ، بالمعنى الأوسع للكلمة ،ومع كل هذا فقد كان حذراً لقد كان " وحيداً " ، ولكن بمساعدة رفضه العيش في لوس أنجلوس أو المشاركة في مجتمع المقاهي ، تمكن من الحفاظ على خصوصية حياته الخاصة .
أما عن علاقته بالنجمة إليزابيث تايلور ، يروي كليفت لبيترسن بعض فصولها وهي التي كانت تتكتم عنها تايلور :
" في بعض الأيام كان يهدد بالتوقف عن رؤية إليزابيث تايلور ، بعد ذلك ، ستجعله الفكرة ينفجر في البكاء ، فقد أرسلت له أكواماً من رسائل الحب ، ثم قرأها بصوت عالٍ لأحد أصدقائه في ذلك الوقت ، من المستحيل بالنسبة لنا معرفة ما حدث ، أو حتى إذا كانت هناك علاقة تجاوزت العلاقة الأفلاطونية ، لكنه كان عائداً من حفلة في منزل تايلور ، في منتصف التصوير لمقاطعة رينتري ، حيث حطم سيارته بعمود هاتف ، بعد لحظات من الحادث ، ركض الممثل كيفن مكارثي وهو يقود سيارته أمام كليفت للاطمئنان عليه ، ورأى أن وجهه قد مزق فركض لجلب تايلور وايدلنج وروك هدسون وزوجته ، الذين تسابقوا جميعاً إلى موقع الحادث ، ما حدث بعد ذلك غامض إلى حد ما ، بعد أربع سنوات ونصف من تلك الحادثة ، لم تنجح إعادة بناء وجهه ، واستخدام المسكنات بكثافة ، وتفشي تعاطيه للكحول ، جعله يبدو وكأنه يبلغ من العمر عشر سنوات .
تفترض السيرة الذاتية لكليفت ، أنه أدمن على الشرب لأنه لا يمكن أن يكون هو نفسه الحقيقي ، كان سؤاله الدائم لنفسه ، كما كتب ذات مرة في دفتر يومياته :
" كيف أبقى نحيفاً ، ضعيفاً ، وما زلت على قيد الحياة ؟ " .
تم العثور عليه ميتاً في سريره في شقته في نيويورك صباح 23 يوليو / تموز 1966 ، كان يبلغ من العمر 45 عاماً حيث تم إدراج سبب الوفاة على أنه نوبة قلب .
Variety Magazine