علي حسين
في كل يوم وأنا أتوجه لكتابة العمود الثامن أتذكر حكاية عميد الأدب العربي طه حسين، حين قرر أن يُترجِم إلى العربية كتاب صديقه أندريه جيــد "الباب الضيّق" فبعث برسالة يستأذنه فيها فما كان من أديب فرنسا إلا أن يكتب هذه الكلمات التي لخَّص فيها حالنا نحن الكُتـّاب "أخشى أنّ الأبواب والنوافذ لا فائدة منها في بلدانكم.. مسائل الحرية والمستقبل لا تعني أحدًا، فلماذا تعـذِّب نفسَك في حفر الجدار بمِعولٍ من الكلمات؟".
تذكرت هذه العبارة، وأنا أستمع لمحاضرة يلقيها رجل دين يهاجم موقع الفيسبوك ويؤكد أن هذا الموقع وصاحبه الشاب مارك زوكربيرغ، جاسوسان هدفهما الأساس تشجيع العراقيين على الإباحية والسخرية من علماء الأمة، والغريب أن الشيخ الفاضل يبث خطابه عن طريق صفحته في الفيسبوك، فأثبت لنا بالدليل القاطع أنّ زوكربيرغ متآمر، لأنه سمح لبعض الوجوه الثقيلة أن تطل علينا بخطاب ساذج، فيما تحاصرنا وجوه الساسة من كل مكان يخرجون إلينا بوجوه كالحة وبأرواح فارغة من ذرّة حب واحدة لهذا الوطن. المؤامرة الأخرى التي يقف وراءها صاحب موقع فيسبوك هي المعركة التي دارت خلال الأيام الماضية على صفحات موقعه بين جماعة بايدن الشيعي، وترامب السني، فالبعض يتوهم أن المستر بايدن سينتصر للهلال الشيعي، ويمنع العراق من أن يتقارب مع الدول العربية، فيما آخرون يقسمون بأغلظ الأيمان أنّ جدّ ترامب كان مؤذنًا في واشنطن وأن أول عمل سيقوم به
هو تشديد العقوبات على إيران!!
المعركة الفيسبوكية الأخيرة تثبت أننا شعوب تتربع على قمة الدول الفاشلة بامتياز، سيقول البعض متى تتوقف عن التهريج يا رجل؟ وحتمًا هناك من سيسخر ويقول "هكذا أنتم معشر "الإمبرياليين"، لا يعجبكم العجب ، وثالث سيعلق: هل نحن في وضع يسمح لنا بمثل هذه"السفاسف " - مع الاعتذار للكابتن حكيم شاكر صاحب براءة اختراع " حبّ السفايف " .
وقبل أن أجيب على هذه الأسئلة "اللطيفة" دعوني أسأل: هل سنربح نحن لو فاز بايدن، وماهي خسائرنا لو فاز ترامب؟ أنا من جانبي أشك، رغم كل محاولات النائب السابق و"المؤرخ الحالي" طه اللهيبي، الذي أخبرنا من قبل أنّ أوباما شيعي، وهو الأمر الذي أثار اهتمام الباحثين في العالم، فقرروا أن ينصّبوا اللهيبي رئيسًا لجمعية الأنساب في العالم!! .
أيها السادة، أصحاب نظرية بايدن الشيعي، والمتحسرين على ترامب السني، لا تقلقوا، فمن حيث المضمون لن يفعل بايدن شيئًا خارج إرادة المؤسسة الأميركية، كل ما في الأمر أن الجميع سيختار أن ينأى بنفسه عن بلاد تطالب بدعم عسكري أميركي في النهار، وتقصف السفارة الأمريكية في الليل .!