علاء المفرجي
صدرت الكثير من الكتب عن السينما منذ انطلاقتها وحتى الآن، اهتمت بنشأتها وتاريخها، ثم كتب متخصصة عن السينما، بكل عناصرها التي أسهمت في تكوين شخصيتها وأرست تقاليدها مثل أي جنس إبداعي؛ ولكن أن يكون هناك كتاب واحد يُلم بكل هذه العناصر والألوان، بل بالقيمة النقدية لهذه الأفلام، فذلك إنجاز مهم يسهل علينا رصد كل ما يتعلق بعالم الأفلام كمتلقيين عاديين، ويرصد هذه الأفلام خلال فترة معينة، كباحثين في الشأن السينمائي.
"كتاب السينما" وهو الكتاب السنوي للناقد محمد رضا ، هو ما أعنيه ، فهو بتقديري المتواضع ليس كتاباً مثل أي كتاب، بل مشروع ثقافي بدأه منذ أكثر من عقدين من الزمن، ومازال مستمراً، فهو مشروع من جهة أن محتواه الذي يتطلب مجهداً كبيراً لا يتناسب مع جهد فردي بل جهد مؤسسي، من حيث مفرداته، وتنوعها، ومن حيث الظواهر السينمائية الحديثة، وأيضاً من جهة تغطيته لكل سينمات العالم، فضلاً عن التعريف بكل ما هو مستجد في عالم السينما.
يقول المؤلف عن هذا الكتاب: " إنه الكتاب الوحيد بين كل ما يصدر، الذي يوفر للقارئ نظرة نقدية شاملة لكل ما شاهده المؤلف من أفلام في فصول مختلفة تضع بنتيجتها أبرز ما نتج في العام السابق من أفلام ووقع من نشاطات."
فالكتاب يذهب بنا الى بانوراما التي هي نظرة شاملة على ما حفل به خلال عام من أفلام، من جوائز ومهرجانات سينمائية، ومناسبات سينمائية، وتقارير موجزة عن أهم الأفلام؛ مثلما يختار ويعرف القارئ بعدد من المخرجين (عرب وأجانب) من أجيال وأساليب سينمائية مختلفة، بنص موجز عن سينماه وأهم أعماله، ثم يختار وهي السمة الأبرز هذا المشروع أو الكتاب، وبحس الناقد لأفلام عربية وأجنبية، والتي تشمل مقالات نقدية مطولة عن أفلام وجدها تستحق معالجتها بتوسع، ويختار كتاب محمد رضا أكثر من 300 فيلم اجنبي، والتي تشمل أعمالاً من كافة الدول (نشاطاً انتاجياً، أو محدود الانتاج) مرتبة أبجدياً مع اسماء مخرجيها وأنواعها ومدة عرض كل منها والبلد المنتج واسم شركة الانتاج.
وكنت قد حصلت على هذا الكتاب في منتصف التسعينيات من أحد الأصدقاء الذي كان عائداً من خارج العراق، يوم فرض على العراق حصار خانق شمل المطبوعات الثقافية. فكان الحصول عليه امتيازاً لشخص يهوى السينما، فاشترط علي استنساخه، وهكذا اقتنيت نسخ لسنتين من هذا الكتاب، حتى تعرفت عليه شخصياً وإلتقيت بمؤلفه عام 2009 في مهرجان دبي السينمائي.. وكنت مصرّاً على اقتناء النسخ الأصلية منه.
فالكتاب الذي استمر متقطعاً من حيث الصدور، للكلف العالية لإخراجه، وهو ما حرم الكثير من عشاق السينما من فرصة الحصول عليه كمصدر مهم من مصادر السينما.. وهي دعوة موجهة لدور النشر العربية والمؤسسات السينمائية المعنية بتبني إصدار هذا المطبوع بشكل منتظم. بوصفه مشروعاً سينمائياً مهماً.
وكتاب السينما الذي صدر قبل أكثر من ثلاثين عاماً والذي يحط على أرض الواقع العربي بكل ما يحمله بين غلافيه من سعي لإثراء فعل الثقافة السينمائية بين الهواة وبين المحترفين في وقت واحد، وهذا كان سعيه منذ صدور العدد الأول ومازال.
والناقد محمد رضا الذي في هوليوود قريباً من مركز صناعة السينما في العالم، هو ناقد معروف عمل في الكثير من الصحف بما فيها العراقية، ترأس وشارك في لجان تحكيم أوروبية وعربية وأميركية، مثلما ترأس تحرير مجلات سينمائية متخصصة، وما زال يرفد المطبوعات السينمائية بالمقالات والدراسات السينمائية.