محمد حمدي
كما هو الحال في كل إعلان جديد لتشكيلة المنتخب الوطني بكرة القدم يكون الزعل حاضراً، والاجتهادات تنطلق على قدمٍ وساقٍ من كل حدب وصوب، بالمقابل يجلسُ السلوفيني سريتشكو كاتانيتش مسترخياً يقابل الجميع بدمٍ باردٍ إن قبِلَ أن يقابلهُم ويقفُ لتحليلاتهم الندّ بالندّ ،
هذا ما حصل فعلاً وفور إعلان المدير الإداري للمنتخب الكابتن باسل كوركيس التشكيلة الجديدة لمنتخبنا الوطني لكرة القدم المكوّنة من 24 لاعباً والتي باركها المدرب بعد طول انتظار وترقُّب فرضته أولاً جائحة كورونا وعقَّدَتْ الكثير من الأمور الإعدادية لجميع المنتخبات وليس العراق تحديداً.
والتشكيلة أعِدَّت للدخول في معسكر تدريبي خارجي في مدينة دبي الإماراتية اعتباراً من يوم الأثنين المقبل الموافق التاسع من شهر تشرين الثاني الحالي لغاية يوم الثامن عشر من الشهر ذاته، يتخلّله خوض مباراتين ودّيتين مع منتخبي الأردن وأوزبكستان ضمن جدول تحضيراته للتصفيات الآسيوية المشتركة بالدور الثاني في المجموعة الثالثة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 بقطر والنسخة الثامنة عشرة من بطولة كأس آسيا لكرة القدم 2023 في الصين.
والحقيقة التي يعرفها الجميع أن لا تخلو بطولة خارجية لمنتخبنا الوطني أو الإعلان عن مباراة ودّية دون أن تكون هناك رؤى متناقضة لشكل وشخصية المنتخب ويستمرّ اللغط طويلاً ويُعاب على كاتانيتش اختياراته لبعض الاسماء والإفراط في الاعتماد على المخضرمين وتتشارك حملات الصحافة والإعلام الرياضي مع ما يقدمه اللاعبون السابقون والخبراء في الاختلاف وإدانة المدرب واتهامه بالقصور وعدم اكتساب الخبرة في التعامل مع الاسماء بالرغم من الفترة الطويلة نسبياً لتواجده مع المنتخب العراقي ومراقبته لمباريات الدوري عن كثب حتى خلال الموسم الحالي.
لو تتّبعنا مسيرة الرجل التي بدت أكثر وضوحاً خلال البطولة الرباعية في العربية السعودية منذ نحو عامين وما تبعها من تصفيات نجح بها الى حدود بعيدة ومنها ما أعرب عنه شخصياً لصحيفة خليجية هو أنه يبقي الانتقادات والنصائح التي يسمعها خلف ظهره ويتعامل مع المباريات التي يخوضها بـ "فن المُمكِن" وفقاً لخبرته وتعامله مع أهمية المباراة وقراءة الطرف الآخر .
وقد سمعتُ هذا الكلام منه شخصياً بأن رهانه على احترافه في العمل، ومعرفته بالوضع بصورة عامة يفوق ما يتصوّره الآخرون عن انحيازٍ للاعب معيّن، مُشدّداً على أن اللقاء الأخير مع إيران ضمن التصفيات والذي أقيم في عمّان قبل عام أوضح للجميع أن طريقة اختيار اللاعبين وتوظيفهم كانت الأسلم لمقابلة فريق يتّسم بالقوة البدنية والخبرة.
ويعود مرّة أخرى للدفاع عن رأيه بأن الاختيار المحدّد للاعبين يجعلهُ يتعامل بالمُمكِن نحو تحقيق نتيجة إيجابية تُرضي تطلّعات المنتخب بالوصول الى مرحلة مهمّة من تصفيات كأس العالم، وهذه المرحلة يُحقّقها الفريق برمّته وليس لاعباً واحداً بعينه قد يرى البعض أنه أنسب للمنتخب لما يقدّمه في الدوري، ولكن ذلك ليس كل شيء إطلاقاً، المهم أن المباراتين مع الأردن وأوزبكستان ستكونان في قمّة الفائدة، وإن لعبا بلا جماهير، ولكنّهما سيقدّمان الفريق بدرجة جيدة من الاستعداد والجميع من اللاعبين يخوضون مباريات الدوري سواء المحلي أو المحترف منهم .
أما نحن في الإعلام الرياضي والجماهير أيضاً فعلينا تقبّل ما يفعلهُ كاتانيتش، ولا نملك غير ذلك في الوقت الراهن خاصة وأن المنتخب يقف في طليعة الفرق المنافسة ولا ينتظره سوى القليل من تحقيق علامة التفوّق الأولى ونرى أنها فرصة مثالية غير مسبوقة لا يمكن التفريط بها، ومن ثم التفكير ملياً بالوصول الى كأس العالم في قطر وتحقيق ما نحلم به منذ عام 1986، ليعمل كاتانيتش بالمُمكِن وفق قناعاته طالما أعلن مسؤوليته الكاملة عن الفريق وقبِل التحدّي بطريقة مقبولة تفوّق بها على أكثر المدربين الأجانب ممّن تعاملوا مع أسودنا وتباينت نتاجاتهم.