الإثنين، 24 فبراير 2025

℃ 9
الرئيسية > عام > حاءات أساطيرالأنثى

حاءات أساطيرالأنثى

نشر في: 7 نوفمبر, 2020: 06:49 م

ناجح المعموري

الأفكار المكينة في هذا النص مدفونة ،راضية بكونها غير مكتشفة ،معروفة ، فالخيال الذي تحدث عنه ابن عربي بوصفه معرفة ابتكرها الكائن لحظة الأعتماد على التأويل والعلاقة مع الخيال ..،

الذي خلده الكائن ومنحه فرصة الأنطلاق وتحوله الى طاقة متخلقة وجبارة ولهذا قال ابن عربي ان سلطة الخيال هي قوة الخيال،

الخيال الفعّال هو ما يعمل على استحالة الأرواح أجسساما والأجسام أرواحاً، ذلك في عالم الخيال ، أو هو حصر الخيال ،هي في آخر المطاف مايسميه ابن عربي بالبرزخ في عالم الصور أو عالم المثال،ولما كان البرزخ أمراً فاصلاً بين معلوم وغير معلوم ،وبين معدم وموجود ، وبين منفيّ ومثبت ،وبين معقول سمّي برزخاً اصطلاحاً لرمزية الدين /فريد الدين الزاهي /سبق ذكره ص132 .

هل يستطيع أحدنا قراءة هذا العنوان " أصابع حبّاتها المطر "،لا أظنّ لأنّ العنونة الأسطورية هيمنت عليها الصورة التي هي المركز الحياتي مثلما هي التبادل بين طاقتين هما المذكر / والمؤنث .والأنثى هي جوهر الصورة التي تتفجر وتتدفق لحظة ذوبان الآخر معها والرضا بالتبادل الأدخالي ،والآخر الطاقة الأدخالية وحيد يكتشف ويرى ويتلمس ويتعرف بصوت له ايقاع هامس ،وهي لا ترى ، بل تشعر وتخضع للأحاسيس التي تتحول روحاً مثلما قال ابن عربي . كل ما قاله هذا المفكر أخذنا نحو البرزخ الذي يعرفه الآخر ولا يعرفه ، إنها الصورة المرئية وغير المنظورة ، مثلما هي الحقيقة مؤكدة وغير معقولة .

التجليات هي السبيل الخيالي في الواقعي / كما هي الصورة التي تأخذنا خيالياً ونجول من خلالها لتحويل الغائب الى الحاضر والشاهد، والباطن الى عيني وظاهر،ويمكن التوصل عبر ثنائية الاختفاء والتواجد ، بل يمكن تجاوز ثنائية التشبيه والتجريد بالصورة موجودة وحضورها ،لايختلف عن الصورة المتجلية في النص الشعري .

هذه الاستهلالية الطويلة نضحت معانيها من القراءة الكاملة لنص الشاعر عادل الياسري الجديد " أصابع حبّاتها المطر " وهو يمثل تصويراً للكتابة المختلفة ومحاولة الأبتعاد عن الغائيّة التي لها تداخلات في مقاطع النص ، لكن ما ينبغي الأشارة له هو الطاقة الكبرى التي انطوى عليها النص وأنا غير راغب بالكتابة عنه. لأنّ فرحتي تمركزت حول العنوان المثير والذي فتح منافذ ميثولوجية عن ثنائية المذكر والأنثى ، ولابدّ من قول جوهرية الحضور الأقوى وأعني به الأنثى ، التي امتدت في تفاصيل النص وهي كثيرة ، لتومئ للحظتها البدئية ، حيث دورها الأول ورغبتها التي كانت لها قوى كونية ، منحتها قداسة لها طاقة جوهرية ومركزية ، ووضعت الإلهة المقدسة في فضاء البروز والأتضاح وخوّلتها عناصرها الثقافية والدينية ما لم تمنح لكائن آخر .

أنا واثق بأنّ خيالاتي ، ستذهب مع العنوان بعيدا وتمتدّ عميقاً لأنه مختزل ومكتنز ومثل هذه العنوانات ذات طاقة تفعيلية للقراءة والفحص والتأويل . ولأنّ الخيال تمركز فأنه يتسع راضياً بالتأويل. والملاحظة الجوهرية أنّ العنونة امتدّت فقط نحو الأصابع وغيّبت الجسد المتجوهر بحضوره الموضوعي أو غيابه وما يعني القراءة تكوّنات التصاوير المتخيلة عن الجسد وأعني جسد هذا النص الذي لايتعطّل حتى إن توصلنا الى فروض القراءة التي لن يصل لها قارئ أو ناقد غير عارف بالميثولوجيا والأنثروبولوجيا . لأنّ للجسد دور كبير في سسيولوجيا الثقافة وانثرولوجيا الطقوس ومزاولات وظائفه المانحة ما هو بحاجة له في تفجر طاقات ، لأنّ الجسد الأنثوي خزّان لذّي واحتياطي من الشهوات ، وهذا العنوان مركّب في تكويناته وهي ذات تنوعات متوترة ممتلئة بخيالات سأحاول الدنوّ اليها والإشارة لها ، لأنّ عنوان " أصابع حبّاتها المطر " حاضن للجندر ، ومانح لجسد الأنثى انفتاحا وظيفيا بالعلاقة مع الآخر .

كلما ذهبنا نحو طاقة الخيال المساهم بصوغ العنوان نتمكن من ترسيم صورة له ، متمتعة بهيمنة في تبادلات القراءة مع الآخر والتشارك معه بالتعبير واثارة حقائق تنسحب مع الصورة / أو مجموعة الصور للأصول البدئية التي ساهمت الأساطير بتكوينها ورسم إطاراتها الثقافية والمعرفية ، لأنّ دور الصورة بالغ الأهمية في تقريب وإنجاح فرصة / فرحي المتلقي في التأويل الأكثر حضوراً ما دام الخيال موجوداً مثلما قال ابن عربي . عنونة صاغت جسدا أراده الشاعر وحلم به ، وكأنّه تبدّى لي الهرب من فروض الأستشراق وهو يضع الجسد ضمن حدود ضيّقة، لكنها ثريّة وغنيّة بالعطاء ، وهذا أقصى ما ذهب اليه الاستشراق بعلاقته بالشرق الذي يعني تمثيلات مانحة ومفعّلة لجسد الأنثى . الآخر كما قال فريد الدين زاهي بأنّ الآخر منجذب دائماً وكأنّه من خلال مزاولة الجسد مثيلا للحيوان . سأقدم قراءة تدنو من الرسم ،والتصوير لأني أجد في تأطيرات التصاوير تعريفاً كاشفاً عن الجسد الذي أخضعه الفنان للتمثيل والشاعر هذا هو مبتكر الصورة التي تدنو من العقل والمعرفة وتستدعي الخيال من أجل تحقق التشارك و لا أخفي سرّا ، بأني سأقود القراءة لنص الشاعر عادل الياسري نحو الصورة التي صنعها الخيال وجعل منها جسدا ممتلئا ، شهويّا وأبيض ، الجسد الذي حدّد تفاصيله وكأني استعيد التمثيلات التي أنجزت عنها كتابا مهما تمثيلات الأنثى العارية في الميثولوجيا العراقية وأوشكت الأمساك بالصورة التي اقتربت اليها من خلال العنوان وأيقظت كل ما هو كامن فيها من ثنائية الميثولوجيا والأنثروبولوجيا ،وسأعيد الأشارة لمقولة ابن عربي التي تحدث عنها "هنري كوربان " وقال بأن الخيال لدى ابن عربي بأعتباره خيالا فعالا ،انطلاقا من اعتباره الأخير. لابدّ من التذكير

الضروري بما ذهبت اليه الدراسات الثقافية حول دور الأنثى في الحياة وما تشكو منه من اضطراب وتشوشات واستمرارية القلق ، لأنها مطاردة من السلطة الرمزية والحضور المادي للفحل الذي لا تقوى الأنثى على مقاومته والأعتراض عليه أو التحفظ على ثقافته وسلوكه الكلي ، لأنها ليست خائفة فقط من عضو التذكير ، لأنها تتناسى ظاهرة الخوف وتستجيب لأخضاع المذكر ، فهي بحاجة إليه من أجل الأشباع اللّذي ، وأيضاً لأنها لاتملكه أي " عدم وجود عضو التذكير " بينما يتميز الرجل بالحضور ، ويعّرف جاك دريدا رمز الذكورة بأنه " دالّ متعال " أي نقطة ثابتة وموحّدة خارج اللغة ، وهي قمة السلطة الذكورية . أما الذات النسائية في علاقتها برمز الذكورة المثبت فتصوّر على أنها آخر أو " هامش " الأمر الذي يجرّد المرأة من القدرة على الفعل ويضعها موضع المزاح واستبعدني الخطاب المتمركز حول الذكورة / سامية قدوري / الجسد بين الحداثة وما بعد الحداثة / الهيئة المصرية للكتاب / 2016 / ص 335 .

عرفت الأنثى الذعر لحظة معاينتها وجود ذكر لدى الطفل . هذا العضو الصغير المتدلي ، هو ما فقدته وظلت مرتبطة به ، مراقبة خائفة منه لأنها فقدته بأخضاعها للأخصاء ، وظلت فقيرة لغيابه .وكلما كبرت يصعد الخوف في كيانها مثلما ترنو اليه من اجل استعادته من خلال المعاشرة ، حتى اذا تحقق لها ذلك اقتربت منه أكثر أكثر وعرفت ماذا يعني الذكر المتوتر الذي اتسع له المكان المشتعل بعد فقدان ما كان موجودا فيه . 

ظلت الأنثى منذ وعيها المبكّر وسط صراع مرير لأنها خسرت الذكر الذي رأته مميزاً الطفل وهي فاقدة له ، إنه الأخصاء الذي تحول الى حلم استعارته عبر الأدخال والتعرف على ما يؤجج من حرائق في مكانه الذي تعرض للأخضاع والقطع. التي ابتنى عليها د.فريد الدين زاهي بحثه المهم " الصورة والآخر "

الصورة البارزة في عنوان النص هي التي لعبت دوراً في تكوين ذات الفرد والأنا من خلال اللوحة الموفقة والبورتريه الذي يخلد الشخص ويجعله قابلاً للتداول باعتباره صورة كما قال فريد الدين الزاهي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة
عام

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

د. نادية هناوي جددت المدرسة الانجلو أمريكية في بعض العلوم المعرفية كعلم النفس اللغوي وفيزياء الأدب وعلوم الذكاء الاصطناعي أو أضافت علوما جديدة كانت في الأصل عبارة عن نظريات ذات فرضيات أو اتجاهات كعلوم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram