ضحى عبدالرؤوف المل
يمنح الفنان الأردني “محمد سمارة Mohamad Samara)” ) رسوماته السمات الرئيسة الفنية مع الاحتفاظ بحركية الظل التي تعبّر عن فوران الحياة واستكمالها او تتابعها عبر الأجيال،
وبخصائص تتضح من خلالها التعبيرات الرمزية للتناقضات الاجتماعية انطلاقاً من المواقف الإنسانية المعقدة ، والتي يصعب تحليلها. ليقدم سمارة تشكيلياً تحليلات بصرية للبيئات العربية المختلفة، وبنسج لوني ذي منظور تواصلي من نواحي متعددة، وبغموض بصري ذي أطر اجتماعية كحّلها بالظل واللعب على مفهوم التراث والعودة الى الأصول الفنية التي تتراءى من خلال المنحوتات على الجدران، ولكن بأسلوب فني تشكيلي يلامس النحت، ويبتعد عن ثلاثية الأبعاد، ليحافظ على قيمة الظل فنيا ، وقدرته على إبراز الانعكاسات الغنية بالاصول الفلسفية الإنسانية، وجمالية ترجمتها تشكيلياً ، بتماسك لا يتعارض مع المساحات التي يفتحها على القواعد الجمالية التي تؤدي إلى تشخيص حركة لونية يهيمن عليها الظل الذي يمده وفق التخيلات ، وما تحمله من رموز قوية إنسانياً، وبعيداً عن الحساسيات الاجتماعية. مما يسمح للريشة بتحقيق قيمة بصرية تتوافق مع أسلوبه في التحليل والتفسير، وبحساسية تتمتع بها حدود اللوحة بالنظر الى جماليات الألوان وتدرجاتها، وبتقسيم الأشكال بتفرد يؤسس الى فهم ماهية أعماله ، وهو قد عمل مدرساً في وزارة التربية والتعليم وخريج معهد معلمين عمان ودبلوم نحت وخزف من معهد الموسيقى والفنون الجميلة الاردني، كما عمل مدرساً في دولة الإمارات وشارك في المئات من المعارض التشكيلية والمهرجانات. فهل تحرر "محمد سمارة " من القيود الاكاديمية في الفن أم قدم البراهين على المعادلات اللونية وقوة إبراز الظل وحساسيته في العمل الفني ؟ أو أن الظل من أساسيات الحركة البصرية في أعماله؟
إن معرفة أي بعد من أبعاد اعمال الفنان "محمد سمارة " يحتاج الى التعمق الجمالي بما يتكشف من الإيحاءات الخاصة التي تضعنا أمام تأملات هي مؤشرات لخطوط تتضمن الكثير من المعاني، والتي تشكل بدقة نوعاً من التصورات التخيلية القادرة على منح العمل نظرة إنسانية. لواقع بيئي جمالي مبطن بعناصر ديناميكية تميزت بها مقدرة الريشة ومعاييرها ، وإن عبر الخيال الفني المتأثر بالحكايا والقصص الشعبية أو بالأحداث القريبة والبعيدة والمغطاة بجزء من الدرامية الفنية ، وبتضاد رياضي بين قصير وطويل أو عريض ورفيع ، وفق الطقوس الحياتية في بيئات فقيرة يستحضرها لتحريك الوجود الإنساني ، ومنحه صفة الفعل الحركي من خلال إيقاعات التضاد ، والإحساس بقيمة الخطوط البعيدة عن الجمود ، بتناسق فني ناتج عن التحولات البصرية التي تسيطر عليها ريشته حيث تتشكل الإيقاعات البصرية تبعا للحركة، وبتقاطع بين الفترات الزمنية ، ضمن أمكنة واحدة هي الرمز الوجودي للمجتمعات التي يبحث عنها "محمد سمارة" ليبتعد عن فكرة العدم وفلسفة التلاشي في أعمال فنية يبسطها ، لتحاكي كافة الفئات وتحمل الكثير من الرموز التي يغلفها بتعبيرات غامضة تدعم الرؤى المتناغمة والمتضادة. لتمثيل النهايات والبدايات ووضع الكثير من العناوين على فترات أقرب الى حياة المخيمات والنزوح والشتات، والصراع الابدي بين الإنسان والحدود التي ترسمها الأوطان . فهل تتسم أعمال الفنان "محمد سمارة" باللون الموسيقي وأصوات الإنسانية التي تجمع بين الكبير والصغير في أمكنة واحدة؟
تبرز الانفعالات في اللوحات التي يخاطب من خلالها المقاييس المخفية مع الظلال أو تلك التي يرسمها كظل هو لأحياء مضوا من العالم او ارتحلوا نحو المجهول ، وبقيت أحلامهم في الأمكنة، وعلى الجدران ، ليعيدهم الى العالم من خلال الفن أو من خلال الرؤية الوجودية، وينفي الغياب والموت، ويضع الألوان في رمزية الحضور والحياة بأسلوب دراماتيكي يعتمد على تفاعلات الظل وقوة الإيحاء البصري في الفن التشكيلي .