ميشال أونفري..وإذ لم يتعد عمره الخامسة والخمسين ففي جعبته أكثر من ستين كتاباً نالت في مجملها أحسن استقبال من طرف القراء وقد وصلت مبيعات بعضها إلى حوالي 500 ألف نسخة وترجم معظمها إلى حوالي 30 لغة.
وقد أصبح مع مرور الزمن ظاهرة في مجال النشر الفرنسي وعُرضت عليه عروض مغرية ولكنه فضل البقاء في مدينته الصغيرة “أرجونتون” بمنطقة النورماندي يدرس الفلسفة في ثانوية تقنية لسنوات عديدة ولكن كان لا بد أن يتصادم الجانب الإداري ورتابة الوظيفة العمومية مع شخصية مستقلة ذات ميول أناركية وترفع شعار نيتشه: ” أبغض الأشياء عندي هو أن أُقاد وأن أقود أيضاً”.
ميشيل أونفري المولود في الأول من كانون الثاني عام 1959، يطلق عليه محبوب الإعلام نظراً لظهوره الدائم واللافت فيه. تباع إصداراته الفلسفية تحت قائمة أفضل المبيعات عالميا. مؤلفاته حولته من ابن فقير، عاش بضع سنوات من طفولته في ملجأ كاثوليكي للأيتام ليصبح فيلسوفا ذائع الصيت يعيش من كتاباته، رغم أنه لم يدرس الفلسفة في إحدى مدارس النخبة التي أنجبت العديد من الفلاسفة الفرنسيين الكبار مثل، جان بول سارتر وجاك دريدا. الثروة لا تعني له الكثير غير أنها مكنّته من التقرب من حلمه الأساسي بجعل الفلسفة موضوعا شعبيا، وليس شأناً أكاديمياً معزولاً عن الناس ينحصر بين الكتب وطاولات المحاضرات. ويبدو أنه نجح في ذلك من خلال تأسيسه لجامعات شعبية بلغ عددها حتى اليوم أربع، توزعت في مدن فرنسية مختلفة، تُعنى بالفلسفة بشكل رئيس وتتيح الفرصة للجميع من كافة الفئات العمرية الانتفاع منها من دون امتحانات قبول. إن هذا السعي من أجل خلق فلسفة شعبية حقق نجاحاً ساحقاً وكسب الآلاف من المؤيدين، بتأكيد أونفراي الذي قال إن جميع تلامذته قد تحولوا / اهتدوا إلى الفلسفة!
" . يحمل أونفري مشروعاً فكرياً تحرّرياً يطمح إلى إنزال الفلسفة من فضاء النخب الجامعيّة إلى الفضاء العمومي، وقد قام بتأسيس " الجامعة الشعبية " تحت شعار الفلسفة للجميع . هذه الجامعة أسّسها مع أصدقائه عام 2002، لتستقبل كل من يرغب بحضور صفوف في الفلسفة والفن والتاريخ مجاناً، ومن دون أي شروط كالشهادة أو حتى القدرة على القراءة والكتابة!. النجاح الاستثنائي للجامعة الشعبية دفع إلى تكرار التجربة في مدن فرنسية أخرى. أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الفكريّة الفرنسيّة بسبب نقده اللّاذع لسيغموند فرويد و دعوته إلى تأسيس تحليل نفسي بعيداً عن فرويد .