TOP

جريدة المدى > عام > فواخت باب الطاق..جمال النصوص مع اختلافها فـي النوع والأسلوب

فواخت باب الطاق..جمال النصوص مع اختلافها فـي النوع والأسلوب

نشر في: 9 نوفمبر, 2020: 05:50 م

علاء المفرجي

كانت الغاية الأساسية من كتاب "فواخت باب الطاق"، إعداد وتحرير صلاح نيازي والصادر عن دار المدى، كانت الغاية الأولى من هذا الكتاب،

بسيطة وصغيرة وهي جمْع بعض المرثيات التي قيلت نثراً ..ليس إلاّ ، كما يقول المؤلف في مقدمة الكتاب،" لكنها سرعان لكنْ بقدرةٍ ما، تجاوزت الفكرة ثيمتها، أو غايتها الأولى. كنتُ مستسلماً بلا مقاومة ولا أدري لماذا. جرفتني معها وكأنْ بتيارات خفية لا قِبل لي بصدها. فإذا بـ «الشجى يبعث الشجى»."

فاشتمل الكتاب على نصوص، رثاء أو خاطرة، اوحتى قصة قصيرة، تتضمن كل ما يشتمل على التوجّع لكل شيء مفقود، حجراً كان أم شجراً، حيواناً أم إنساناً، الفقد، والخسارة.. " ليكنْ إذنْ جمال النصوص وحده، مبرراً لجيرتها في هذا الكتاب، وضمّها بعضاً إلى بعض، على الرغم من آختلافها في النوع والشكل والأسلوب."

اختار المؤلف عدداً من النصوص، غلب عليها طابع الرثاء، لكنه أيضاً اختار أنواعاً أخرى من الكتابة، "مصنوعة من قلوب واجفة وعيون هاملة؟"، فينكب المؤلف عن رواية ابن طفيل الفلسفية: حيّ بن يقظان " الغريب إنه حينما ماتت الظبية التي أرضعت حيّ بن يقظان، وهو انسان بدائي لم ير بشراً من قبل – لم يستسلم للموت وإنما راح يشرّحها لمعرفة أين تكمن علّة الموت. وبهذا يكون ابن طفيل قد انتقل من الحواس الى المعرفة العقلية، أي من الحدس الى المختبر، وهكذا كانت أوروبا متمثلة بشخصية ابن طفيل تنتقل مع العقلية الشفاهية الى العقلية التدوينية."، ويكتب فاضل السلطاني "حكايات من أرض السواد وقصص جاهزة لروائيين العرب" وهي انطباعات عن زيارته الأولى لبغداد بعد فراق أكثر من ثلاثة عقود.. ونقرأ لغائب طعمة فرمان (الحالمون)، وخواطر تشكيلية تصب في الموضوع نفسه لمحمد صادق رحيم.

لكن الكتاب بمجمله – كما اسلفت- يتناول نصوص الرثاء لعدد من الأدباء بحق أقرانهم وأصدقائهم.

يكتب أحمد خلف مؤبناً حسين مردان: رجل الضباب.. سيرة رجل حقيقي، يقول: إن الكتابة عن شاعر وإنسان مثل حسين مردان تتطلب جهداً واضحاً، وصبراً وعاطفة تم ترويضها لئلا ينساق المرء وراء عاطفة محتدمة قد تلغي في طريقها الكثير من الأزهار المورقة على حد تعبيـر حسين مردان نفسه، فيما ترثي دنى غالي محمد سعيد الصكار: بعيداً عن الحرف وفي متناول المحبة، فتذكر: " هو لا ينتمي إلى جيل محدد برأيه، أقولها انطلاقاً من رفضه المشاكس لاتهامات أجرؤ أن أطلقها بين الحين والحين حول قيود فرضها وعوامل اشترطها وقوانين صارمة سنّها ذلك الجيل بشأن الكتابة الأدبية على نفسه وعلينا بالتالي. ولطالما ذكرت أن من أرعبني وجعلني أخفي محاولاتي الأولى في كتابة الشعر هو جيل أبي من الشعراء في العراق، فالتقرب كان وفق قناعاتهم يقتضي أن يقطع الشاب شوطاً طويلاً في التدرب والتدرب والحفظ والحفظ والقراءة قبل أن يقدم على الكتابة والنشر."

وفي واحدة من أجمل كلمات الرثاء يكتب الشاعر الراحل رشدي العامل عن الفنان والقاص يحيى جواد مستذكرا علاقتهما والظرف التاريخي الذي جمعهما، حيث يقول: " في أغلب الليالي كنت أسمع صوته الدافئ العميق فعندما يأخذ الدجى يبعث أصواته الغامضة أرفع سماعة التلفون لأسمعه وأتمثله كأنني أراه. هللو حياوي.. ونبدأ رحلة الكلمات بين الضحك والأحزان، محاولين مواجهة قسوة الحياة بكثير من عدم الاكتراث." ثم يصف العامل هذه الشخصية المتفردة " إن كل كائن حي يمتلك خصوصيته الذاتية المتفردة بشكل عام، والفنان هو أكثر الكائنات احتيازاً لهذه الخصوصية.

وفي أحيان كثيرة أخرى يبدو الفنان محيراً غامضاً غير قابل للامساك به، كالزئبق تماماً عندما يراوغ الكف التي تحاول القبض عليه.

وفي أحيان كثيرة أخرى يبدو سلوك الفنان أو تكوينه الخارجي لا ينم مطلقاً عن أعماقه الحقيقية، ويُحيى جواد من النوع الأخير.

فعلى الرغم من وسامة وجهه الأسمر، الا انه يوحي للمرة الأولى بأنه بعيد عنك، غير عابئ بك، غير انه سرعان ما يتكشف لك عن روح شفافة ورقة متناهية وتعاطف حميم وهذا أحد أسرار الحب العميق والاحترام الذي حمله له كل أصدقائه ومعارفه."

ويقتبس المؤلف صلاح نيازي بعضاً من كتاب رفعة الجادرجي عن أبيه كامل الجادرجي الذي كان يتمتع بمكانة عالية في نفوس العراقيين بخاصة، نظراً لما تمتع به من استقامة في المنهج، ونزاهة في الموقف، وشمولية في الرؤية. عجمت عودة السياسة لأربعة عقود، فما لان ولا هادن، وما فرّط بحق، أو أغضى عن باطل. وهو الى ذلك كان منبراً ديمقراطياً، عمّق الكثير من مفاهيم الحرية والقانون وحقوق الانسان في المجتمع العراقي، قائلا: اعترافاً بتلك المكانة، ونظراً للطرافة التي كتب بها فصل «اليوم الأخير» من كتاب – صورة أب – المطبوع عام 1985، سألنا مؤلفه الأستاذ رفعة الجادرجي أن يخولنا إعادة نشر الفصل المذكور – مشكوراً. راعينا في الاقتباس عدم التنقيط، نزولاً عن رغبة المؤلف».

فيما يتناول كلمات الرثاء بحق الاديب الموهوب نجيب المانع بقلم شقيقته القاصة سميرة المانع، بعنوان ( كلمة وفاء لأخي نجيب) وايضا ما يكتبه هو الاديب صلاح نيازي عن المانع حيث يقول: " ما من أحد يستطيع أن يوجز نجيب، أو أن يختصره بكلمات أو ألوان أو بأي ايقاع. إلاّ أنه الوحيد الذي كان قادراً على اختصار نفسه. اغفاءة ممتلئة بالسكون. كتاب مقالات عن بروست على صدره، وفي التسجيل شريط لمختارات من شعر ريلكه بالإنكليزية، وفي الجانب الآخر مقطوعات دينية لباخ، وعلى الأرض كتب معلّمة قطع فيها بعض شوط.".

وتكتب الأديبة والإعلامية سعاد الجزائري عن زوجها الكاتب والشخصية الوطنية فائق بطي: "لم يكن أنيقاً بملبسه فقط، بل بكل شيء، بطريقته في تحضير كأسه اليومي، وفنجان قهوته الصباحية، ليتأنق بعدها استعدادا للكتابة، التي لم تكن بالنسبة له طقساً يومياً مقدساً، وإنما هو موعد عشقي يتسامى معه، وسكن وجدانه، فينفرد مع كلماته، ويؤدي صلاته الفكرية بخشوع كامل.".

ويكتب الاستاذ فخري كريم رثاءين، الأول عن غانم حمدون، والثاني عن (طارق) أحد موظفي مؤسسة المدى.. ففي الأول يستعرض سيرتيهما معا وحياتهما التي اكتنفتها الكثير من المصاعب، وفي الثاني يتناول الزمن الذي غادر في (طارق) حيث يقول :"كيف يُمكن أن يكون هذا اليوم، ونحن نتعرّى ونتمرّغ في أوحال هذا الزمن الذي لا يحتفي بغير رموز الرثاثة والتحلّل من كلّ القيم، ومروّجي الفتن والوضاعة وثقافة الكراهية وصانعي قيم الانحطاط، الذين يسدّون كلّ فضاءات المستقبل أمام هذا الشعب المبتلى.. المستكين!"

وتكتب الكاتبة فيحاء السامرائي عن صديقتها سهام السلطاني رثاء بعنوان (مثقلة برحيلِك) تقول فيه: " أنفخ غبار السنين عن الذاكرة، شيء ما جمعني وسهام، ربما عين النسيج متشابك الخيوط من حرير ذلك الزمن الصاخب المسجور بالملاحة والاجتهاد، سبعينية القرن المنصرم، يوم أبحرنا مع سوناتات ومسرحيات شكسبير، وحكمة ملتون وابداعات جويس، ومال قلبانا لجون وردزورث حينما انبهر بوردة نرجس، ويوم خبِرنا عبث بيكيت وسخرية شو، وبكينا للوعة هيثكلف- برونتي، ويوم حلّقنا مع صوت فيروز وتوجعنا لعلاقات حب خائبة، ورغم ذلك، عاهدنا صديقنا هيمنجواي بأن لا نسمح للحياة ان تدحرنا حتى وإن تحطمنا."

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram