TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عصابات مجالس المحافظات

العمود الثامن: عصابات مجالس المحافظات

نشر في: 9 نوفمبر, 2020: 09:56 م

 علي حسين

وكأن العراق قد تخلص من كل مشاكله الاقتصادية والسياسية ومن أمراض ساسته، ولم تبق له إلا قضية مجالس المحافظات التي حولت محافظاتها الى مدن تغار منها سنغافورة ودبي وطوكيو! بين الحين والآخر يثار سؤال مهم: ماذا فعلت مجالس المحافظات في الوطن؟

قبل أن نجيب على هذا السؤال الذي يحيّر ملايين العراقيين، اسمحوا لي أن أنقل لكم عبارة مثيرة و"عظيمة" قالها قبل أيام مستشار مجلس النواب لشؤون المحافظات وهو يبشرنا "جزاه الله خيرًا" بأن مجلس النواب لم يلغِ مجالس المحافظات بل حلها، وبدأ يراقب أوضاع المحافظات دون وجود هذه المجالس وينظر فيما إذا كان قرار حلها إيجابيًا أو سلبيًا؟، وأعتقد أنه، مع مثل هذه التصريحات غير المسؤولة، من حقّ العراقيين أن لا يبالوا باجتماع برلمانهم الموقر، وأن لا يقعوا في غرامه، والسبب لأن بضاعته قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي، فهي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها.

قبل أكثر من نصف قرن رأى السياسي والحقوقي الراحل حسين جميل، أن العراق بحاجة إلى مجلس للخبراء يراقب عمل المجالس المحلية، فقد رأى سياسيُّنا الكبير، الذي عاش أكثر من تسعين عامًا، أن المجالس المحلية، لا يجب أن تكون لها صلة بالتشريعات وإصدار القوانين وإنما مهمتها خدمية، لأنّ الكثير من أعضائها يجهل أو يتجاهل مسؤوليته الحقيقية.

كان "خادمكم" قد صدّع رؤوسكم في هذا المكان عن المسؤولين في الغرب وهم يقدّمون استقالاتهم لأنّ أمرًا بسيطًا حصل، فيما هذه البلاد لايراد لها أن تغادر الوجوه الكالحة التي وضعتها على قائمة البؤس العالمي.

كان الناس يتطلعون "لتشييع" الوجوه الكالحة لأعضاء مجالس المحافظات إلى مثواها الأخير، وأن يهدي الله الكتل السياسية والحكومة المركزية إلى اختيار محافظين تتوافر فيهم صفات الشهامة والرجولة والسمعة الطيبة، محافظين يدافعون عن الناس وليس عن مصالحهم الخاصة، ويحتمون بالحصانة الوظيفية ضد الفساد، لا أن يستثمروها في الرقص مع الفساد، يلبس بعضهم عباءة الفضيلة ليداري الرذيلة، ولكنّ روائح فسادهم الكريهة ملأت أروقة مؤسسات الدولة، وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحوّل بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس البسطاء، محافظين واعضاء مجالس محافظات يحتمون بالمناصب والوجاهة الاجتماعية والسطوةفي الوقت الذي يشتكي فيه المواطن من البيروقراطية القاتلة، وانتشار الفساد المالي والإداري وتفشي الرشوة والمحسوبية، القائمة تطول لمجالس محافظات أصبحت أشبه "بخيال مآتة" بالنسبة للمواطن، لكنها في الوقت نفسه تحولت إلى مقاطعة "سُجّلت" طابو باسم المحافظ ورئيس مجلس المحافظة والمحسوبين عليهم. 

لعل الخطير في تصريح السيد المستشار أن هذا البرلمان " الكسيح " عوّدنا على اختراع اكاذيب، ثم محاولة تحويلها إلى واقع هدفه التوسع في مشروع " العصابات الرسمية " التي تسرق وتقتل وتزور بأوامر رسمية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram