علي حسين
لم يتبقّ لنا ونحن نشاهد المعركة"التعيسة" التي يخوضها البرلمان لتعطيل رواتب ملايين العراقيين من الذين لايملكون في هذه الدنيا سوى مبلغاً شهرياً يصارعون به الحياة ، سوى أن نشكر كلّ "الكومبارس" من النواب والسياسيين الذين أدّوا أدوارهم بكلّ مهنية وإخلاص، وساهموا بتقديم عرض " شو"
يلخص مأساة هذه البلاد التي ابتلت بنواب ومسؤولين اتخذوا من السياسة مهنة للتربّح ، خلال سبعة عشر عاماً أضاع علينا ” المتلونون ” أهم ثروات هذه البلاد ، المال والقانون ، وأغرقونا بشعارات وخطب عن الديمقراطية والحرية ، وفي الوقت الذي تعجز الحكومة عن توفير رواتب الموظفين ، كان أباطرة السياسة قد حولوا الى جيوبهم الخاصة عشرات المليارات التي استولوا عليها من خلال مشاريع وهمية وصفقات سياسية ، ، وبدلاً من بكاء مشعان الجبوري على الأطلال ، كان المطلوب سهلاً جداً ، أن نضع المسؤول المناسب في المكان المناسب ، وبدلاً من أن يضحك علينا حسين الشهرستاني وينضم الى قائمة أغنياء الكرة الأرضية ، كان هناك أكثر من كفاءة عراقية تحب وطنها ، الجهات السياسية التي تقف ضد التقارب مع السعودية والإمارات ومصر قررت في لحظة تاريخية مهمة أن عبقرية حسين الشهرستاني أبقى وأنفع للعراقيين ، وأن الغاز الإيراني يوثق الصلات التاريخية بين الشعبين ، وأن الحصول على الكهرباء إيران بالعملة الصعبة اهم وابقى . وان مساعدة تركيا في حل أزمة الليرة واجب وطني ، وعلى مدى سبعةعشر عاماً عشنا مع حكومات ليس لديها شيء تقدمه للعراقيين ، تطالب بمنع استيراد " النستلة " ، ولا تفكر مثلاً في حل مشكلة الفقر ، والعراق ينام على بحيرة من الثروات ،لكنه مديون للعالم بـ ” عشرات المليارات ” وشعبه يُطلب منه أن يصبر أو يضرب رأسه في الحائط مثلما أخبرنا " الفهامة " محمد الكربولي الذي اكتشف مؤخراً أن العراقيين تناولوا جرعة زائدة من الديمقراطية .
دعوني أسأل نواب البرلمان، ما هي الرسالة التي يريدون أن يوصلوها للعراقيين وهو يزايدون على معيشة البسطاء ، ويحاول الضحك على عقول الناس وتصوير البرلمانيين بأنهم فئة مهمّشة فقيرة تحتاج الى أن نمدّ لها يد العون والمساعدة.
ماذا سيقول المواطن الذي لايملك ثمن عشاء لأطفاله ويسكن في بيوت من الصفيح في الوقت الذي تحوّل فيه العديد من النواب السابقين إلى أصحاب ثروات وفضائيات وشركات في دول الجوار وقصور وشقق في بيروت ودبي ولندن، ولم يسألهم أحد من أين لكم هذا؟.
لذلك كله، لنا في رفض هذا البرلمان حياة، مع الوضع في الاعتبار أن رفضنا لهذه الالعاب السياسية ليس لأنها ضارة ، وإنما لأنها خالية من الانسانية .