إياد الصالحي
تسعة عشر صوتاً أفضى طريق سرمد عبدالإله لرئاسة اللجنة الأولمبية الوطنية كثالث شخص رياضي في تاريخ العراق ما بعد 2003 يتولّى قيادة المكتب التنفيذي الحادي والعشرين منذ تشكيل أول لجنة مُعترف بها دولياً عام 1948،
حاسِماً المنافسة مع رئيسه السابق رعد حمودي في معركة انتخابية خطّط لها الأثنان أياماً طويلة وأسفرت عن بيع وشراء صداقات دائمة ومؤقتة لا وفاء فيها قط، تملّصَ الواعِد من التزامه، وغادر البعض ضفة المناوءَة ليركب موجَة المواءَمة بعيداً عن مصلحة الرياضة، فكانت نتيجة ديمقراطية الأولمبية : صفر كبير!
مهما حاول المتحكّمون بالمكتب التنفيذي المُبطَل شرعيته في شباط 2019 أن يلبسوا كمّامات الاحتراز من تدهور سمعة الأولمبية، ويُبيّنوا للمراقبين أنهم استفادوا من درس القرار 140 ويُعرِضَوا عن مناكفة الناقدين، فإنهم لم يقدّموا دلائل صدقيتهم قُبيل وأثناء انتخابات عشتار شيراتون أمس الأول السبت، إذ تجلّت الأنانية للتشبّث بمقاعد القيادة بالتواطؤ والانقلاب والخِداع والتغيّب العمْد والخيانة، فماذا بقي لشرف الرياضة غير أن ندفن أوراق تشرين في حُفرة ونترك لهم شاخصاً للعِبرة يذكّرهم بيوم النفاق!
عُذراً سرمد المنتصر بابتسامة التحدّي "الشخصي" لبلوغ كرسيّ الرئاسة، والمتوجّس من غدٍ قاسٍ لا يمتلك فيه أدوات تشغيل برنامجه الانتخابي باجتهادات أمخاخ أعضاء مكتبه المصدَّعة سنوياً بإخفاقات اتحاداتهم في ظلّ قدراتهم المحدودة ضمن العمل الأولمبي دون أن نبخِس طموحهم في إمكانية التغيير لإقناع الجمعية العمومية بأن اصواتهم لن تضيع! بينما لا عُذر لرعد وهو يعبّر عن غيظه الشديد لسوء نهاية سيناريو (المقعد المحروس) وارتكاب بعض صحبهِ الحنث في اليمين الذي أنقصَ علامات داعمة لموقفه، فسقط بخسارة نفسية عُدّتْ أقسى من كل خسائر مباريات ذوده عن مرمى الأسود في الماضي، بعدما كابر على زمانهِ طامعاًً بإكمال خمسة عشر عاماً فوق هرم الأولمبية، فتهاوى في ليلة كشف المستور!
أية ممارسة انتخابية هذه تفتخرون بنجاحها وواحدُ يتقافزُ فارداً صدره وملوّحاً بقبضة يمينه كأنه فكّ شيفرة الوصول الى الميدالية الأولمبية بعد 60 عاماً من التصبّر بأكذوبة صناعة البطل! وثاني يذرف دموع الغبطة ليُطمئننا بإمكانية استرجاع مليارات الدنانير الى خزانة الحكومة بعضها لا يُعرف أين أنفق وهناك أبواب صرف غير شرعي، وأخرى مُنحت سُلفاً لم تُسترجَع أو مخصّصات إيفادات على الورق! وثالث كان يختبئ تحت عباءة الرئيس في أوج قوّته وحينما ضَعُفَ كان أول المُضحين به، ورابع نام أربع سنوات في مكتب المسؤولية، ولما حان وقت اختبار مسؤوليته خارج المكتب أكمل نومه كالعادة! وخامس عزا وجود تآمر دولي ضد كتلته ثم استدرك أن الرقيب (أونلاين) تابع العملية بحيادٍ تام! وأخيراً أحد الفائزين برّرَ قرار اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات باستبعاد رند سعد وشعلان عبدالكاظم بأنها تفتقد للخبرة في حيثيات موضوعيهما، ترى هل سيُبرر بالقول نفسه لو خسر المنافسة؟
أما أسوأ ما شهده تنظيم العملية الانتخابية إنه ترك رجال الإعلام يسترقون السمع عن مجريات الانتخابات وراء أبواب مغلقة لم تُعرَف مُبرّرات ذلك، لماذا الخوف من فتح قاعة المؤتمر أمام ما يقارب 25 إعلامياً انهمكوا على رفد مؤسّساتهم بالأخبار السريعة وأرقام المصوّتين وملاحظات اللجنة المشرفة؟ ليست المرّة الأولى التي يتمّ عرقلة عمل ممثلي السلطة الرابعة في انتخابات يفترض أن يوثقها زملاءنا لتعزيز مبدأ الشفافية ونزاهة التصويت، فالشراكة مع الرياضة أفعال تؤطّرها المصلحة المهنية وتفرضها مواثيق التعاون غير الخاضِعة لتأثير أو ضغط طارئ لهكذا مؤتمر بالغ الأهمية.
سنبقى غير متفائلين بمصير الرياضة التي لا ترتقي بتغيير الوجوه، ولو كان ذلك مُجدياً لهرعتْ اللجان الأولمبية الأهلية في العالم الى ضمّ أبرز نجوم رياضاتها في التاريخ ليكونوا على رؤوس لجانها، فالمشكلة تكمن بغياب رؤى التطوير لعموم الاتحادات والأندية، وسأم الرياضيون من تكرار الاسماء القيادية ذاتها سواء في الجمعية العمومية أم المكتب التنفيذي منذ عشرة سنوات في الأقل ترسم سياسة الفشل المستمر لرياضتنا! فضلاً عن شخصنة الموقع الرياضي لأغراض المنافع والولاء والتمايز وإسقاط المنافس بتكتلات تعمّق الكراهية والحقد وتحرّض على إقصاء الأكفاء لأنهم من جماعة (الريّس) ولا يتورّع أكاديمي أو رئيس اتحاد أو إداري من تقديم عرضٍ راقصٍ مفرح يتظاهر للحظات بما لا يبطنه من حزن دائِم يتناغم مع غموض أفلام المخرج الروسي أندريه تاركوفسكي الذي سبر غوره السينمائي اليمني حميد عقبي منبّهاً من أنَّ "الشرّ يحيط بعالمنا والطريق صعب للشعور بالسعادة ..وحده عالم الحلم نرى فيه حقيقة أنفسنا"!