TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: قرقوش في البرلمان

العمود الثامن: قرقوش في البرلمان

نشر في: 23 نوفمبر, 2020: 09:46 م

 علي حسين

الجدل الكوميدي الدائر في أروقة البرلمان ومن على شاشات الفضائيات حول جنة العراقيين الموعودة والتي أطلق عليها تبركًا وتيمنًا اسم "قانون جرائم المعلوماتية" يجب أن يتوقف، لتحل بدلًا منه مناقشات حول الخراب الذي حل بالبلاد خلال السنوات الماضية، ومن المتسبب في ضياع مئات المليارات من أموال الشعب في مشاريع وهمية لم تر النور، علينا أن نتساءل :

كم مشروع وُضع له حجر الأساس، ثم تبين أن الأمر مجرد فصل من مسرحية كوميدية لن تنتهي؟، كم مرة سمعنا بأن هذا العام هو عام الاستثمار؟، من ينسى المالكي وهو يبشّر بأن عام 2008 سيكون عام الخير والرفاهية؟.

حكايات كثيرة يضمها ملف الفشل العراقي، ففي كل عام نسمع الأسطوانة نفسها ، وهي تردد ذات النغمة "هذا عام السعادة" لنكتشف في النهاية كيف تدفن أحلام الناس ومستقبلهم تحت ركام التصريحات والقرارات القرقوشية. السادة النواب المنشغلون بقانون " جرائم المعلوماتية " وقبله الدعوة لتنصيب فقهاء في المحكمة الاتحادية، وقرارات وقوانين الهدف منها تضييق الخناق على حريات الناس، إنما يمارسون مهمة التشويش على عقول العراقيين بجمل وكلمات وعبارات صماء عن الأخلاق التي ستهدر لو لم يتم التصويت على جرائم المعلوماتية .

المواطن البسيط لا يشغله الصراع الدرامي الدائر داخل البرلمان بين جماعة أبو مازن وجماعة الحلبوسي، ولا تهمه الانتخابات التي تروج لها أحزاب السلطة، المواطن مهموم بقوت عائلته وأمنه وحريته التي لن يتخلى عنها بعد أن عاش عقود طويلة في ظل الدكتاتورية والاستبداد.

دعونا نفترض أن البرلمان استطاع أن يمرر قانون جرائم المعلوماتية، وقرر النواب أن يبدأوا مسيرة الأخلاق الحميدة، فهل تعتقدون أن مشاكل العراق ستختفي بغمضة عين ، وأن آلاف الشباب العاطلين عن العمل سيجدون لهم مكانًا في بناء العراق؟.

يخوّفون المواطن دائمًا من القوى المدنية التي تريد نشر الإباحية، ويستخدمون الأخلاق فزاعةً مضمونة التأثير على البسطاء : لا تتكلم، لأن الكلام حرام في حضرة القادة "المجاهدين". لا تطالب بحقوقك في الدنيا فهي مضمونة في الآخرة لأنك صبرت طويلًا، لا تتحرّك، لا تذهب أبعد مما يحدده لك الساسة، لا تحتج فهذا يسيء لسمعة العراق. 

على هذا المنوال، تشتغل ماكينات أحزاب الفشل، لإنعاش الخوف والفزع في صدور العراقيين، وتهديدهم بالهلاك، إن هم استجابوا لنداءات الدولة المدنية.

في كتابه "الطاغية" يكتب المفكر المصري، إمام عبد الفتاح إمام، وهو يتحدث عن الأنظمة التي تفشل في إسعاد شعوبها بأنها: "تعمل على تدمير الإنسان، وتحطيم قيمه وكرامته، ليتم تحويل الشعب إلى خيال مآتة، شخصيات تطحنها مشاعر العجز واللاجدوى".

في كل مرة حروب بلا نهاية ، والخلاصة يامولاي المواطن العزيز تتطلب منا ان ندرك جميعا ان لا بديل عن الدولة المدنية وحرية التعبير .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram