علاء المفرجي
مرة أخرى نعود الى السيرة الذاتية في الأفلام من خلال الفيلم الروسي (كلاشينكوف) الصادر هذا العام، والمقالة النقدية في هذه الصفحة تفي الفيلم حقه النقدي؛ ولكننا نشير هنا الى أن الفيلم لم ينتمِ في أفضل أحواله الى التقاليد الروسية في صناعة الفيلم،
وخاصة فيلم الحرب الذي أبدعت هذه السينما في إنتاجه وتحديداً منذ انتهاء الحرب الكونية الثانية وحتى الآن، ولنا أن نشير إلى فيلم السيرة أيضاً (المعركة من أجل سيفاستوبول( هو فيلم حربي يروي السيرة الذاتية للقناصة السوفيتية الشهيرة لودميلا بافيلتشينكو التي انضمت إلى الجيش الأحمر خلال الاجتياح الألماني للاتحاد السوفيتي لتصبح واحدة من أكثر القناصين فتكًا في الحرب برصيد 609 قتلى، ,ونالت عن الممثلة الروسية يوليا بيريسيلد التي جسدت دور بافيلتشينكو وحازت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي.
ورغم أن الفيلمين يصبان في نهج دعائي واحد، إلا أنهما يختلفان في القيمة الفنية، ففي فيلم كلاشينكوف، نرى صناع الفيلم كأنهم في عجلة من أمرهم ليصلوا الفيلم بالاحتفالات في روسيا بالذكرى السبعين على إنتاج السلاح ودخوله الخدمة في القوات الروسية.
لذلك كان فقيراً من الناحية الفنية وضعف واضح في السيناريو الذي لم يعتمد الحقائق التاريخية، أن في سيرة كلاشينكوف الرجل، أو المراحل التي مرّ بها تصميم كلاشينكوف البندقية. وهذا مبرر ، باعتبار أن الفيلم دعائي وأنتج من قبل وزارة الصناعة والتجارة، ومجموعة شركات "كلاشنيكوف" لإنتاج الأسلحة النارية، ومؤسسات حكومية أخرى.
وهذا عكس فيلم ((المعركة من أجل سيفاستوبول ( المنتج عام 2015) وهو فيلم حربي أعادنا الى تفاصيل الحروب في السينما الروسية وهي التي طبعت الإنتاج السينمائي الروسي في عقود كثيرة من تاريخ السينما الروسية.. فضلاً عن توافره على عناصر فنية جيدة، بدليل الجوائز التي حصل عليها.
نعود الى فيلم (كلاشينكوف) فالفيلم من أفلام السيرة، لكنه لم يكن صريحاً مع المشاهد في قضية، سيرة من؟ سيرة الرجل أم البندقية، هو أراد أن يقدم الاثنان فكان الفشل حليفه.. فلا عرفنا تفاصيل تطور تصاميم واختراع هذا السلاح إلا بمشاهد لن تسمن أو تغني عن جوع، ولا نحن كنا أمام سيرة هذا الرجل العبقري الذي مازال اسمه متداولاً، كبندقية في أفواه الثوار والمدافعين عن قيمهم الإنسانية، مثلما هو متداول عند الارهابيين وسفّاكو دماء الشعوب.
فلم يغص في تفاصيل سيرة الجندي كلاشينكوف أو خلفيات تنامي موهبته وهو رجل لم يكمل تعليمه، حيث إنه كان أول مَن اخترع جهازاً لقياس الدبابات ، والذي جذب انتباه القادة العسكريين له الذين وأوصوا بإنتاجه. لكن صانعي الفيلم تناسوا هذا الأمر ، حيث قدموا الرجل كمبتدئ و غير موثوق به لرفاقه الأكبر سنًا. ومع ذلك ، سرعان ما يتلقى الدعم الكامل من السلطات العسكرية الكازاخستانية ويذهب مع مدفعه الرشاش إلى موسكو لتقديمه في مسابقة مديرية المدفعية الرئيسة للجيش الأحمر. وعلى الرغم من أنه ليس محظوظًا على الفور (بندقية كلاشينكوف الهجومية ، كما هو معروف للعالم بأسره ، سيتم تصميمها وتشغيلها في عام 1947 فقط) ، إلا أن الفيلم يدور دون عوائق على طول المسار المستقيم لسيرة ذاتية قياسية ، دون الخوض في أي شيء يمكن بطريقة ما جذب المشاهد. حتى الأشخاص الذين كانوا في نفس القاعة ببساطة لم يتمكنوا من احتواء دهشتهم عندما رأوا أن ابن عامل شاق عادي قد صنع مثل هذه التحفة الفنية و ابتكر هذا السلاح منذ فترة طويلة ، لكنه أخفاها باستمرار وأخفاها عن أعين المتطفلين!.