TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > سنن التغييــر وإدارة التقـدم فـي الحيــاة

سنن التغييــر وإدارة التقـدم فـي الحيــاة

نشر في: 16 مايو, 2010: 06:53 م

عدنان الصالحيالتًغيير علامة مهمة من ملامح الحياة وعنصر أساسي لديمومتها, وسنة ثابتة من السنن الإلهية تفرض نفسها على حياة الإنسان، لانها حتمية فرضها القانون التكويني الإلهي، لذلك فان السمة الإنسانية المميزة المنبعثة من عقله هي البحث عن التكامل والتغير نحو الأحسن فتبعثه على السعي المستمر والحركة الدؤبة.
ولكون الإنسان كائن عاقل بل وسيد المخلوقات على وجه الأرض فانه مختار السلوك الصادر عنه وهو نابع من الشعور بالوعي والتفكير المسبق عادة، لذلك يحاول أن يتكيف مع المتغيرات بإحساسه العقلاني وليس مجرد تكيف غريزي وانعكاس جبلّي كما هو في الحيوانات، فهو يختار ويقرر بنفسه ما يريد، لذا فان ما يحدث على وجه الأرض هو نتيجة طبيعية لقرارات الإنسان في اغلب الأحوال فيما تختلف استجابة كل إنسان عن الإنسان الآخر تجاه الظروف التي تواجهه حسب طبيعة وطريقة تفكير كلا منهم.أما التغيير الكلي لمجموعة الأمم أو الأمة الواحدة فهو لا يجري عادة إلا أن تكون التغييرات الداخلية قد أخذت منحاها في أجزاء المجتمع حيث يقول عز من قائل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد11), فالأمم لا تستطيع أن تغير واقعها إلاّ بعد أن يغير أفرادها من أوضاعهم بشكل مضطرد بمجارات القانون الفطري الإلهي, ولذا تجد التوقف الفكري والعقلي والحضاري هو السبب الأول لسقوط الدول مهما كان حجمها ونوعها والأمم التي لا تستجيب للتغيير فهي تحكم على نفسها بالموت.قد يرى البعض بان التغييرات جارية في جميع المجتمعات او لنقل في مجتمعاتنا الشرق أوسطية خصوصا بعد دخول العالم مجال العولمة, ولكن هل التغييرات هي مجرد التغيرات الشكلية والظاهرية أم الجوهرية والعلمية العقلية؟.ان الدول التي يغيب فيها التغيير عادة هي الدول ذات النظام الشمولي, وهي تعاني في واقع الحال من ضمور وموت سريري في جميع جوانبها الفكرية والبنيوية والاقتصادية والاجتماعية وقد يصل الأمر إلى الجوانب العقائدية التي يحاول الدكتاتور أو الحاكم المستبد قتلها داخل النفس البشرية.وقبال ذلك فان عملية التغيير هي أساس راسخ لقيام دولة المؤسسات والحكومات الناجحة والمنظمات والتجمعات, وهي حالة تعاكس الجمود والتوقف حيث يشير الى ذلك المرجع الديني الراحل الإمام السيد محمد الشيرازي(رحمه الله) بقوله:(أما المجتمع الراكد فهو الذي يقف في مكانه بدون تجديد في فكر أو صنعة....., في المجتمع الراكد يركد كل شيء ويسير الزمان ببطء وتخلو الحياة عن التجدد ويكون كل فكر جديد وحركة جديدة موضع الإعراض.. المجتمع المتصاعد لابد أن يكون التصاعد من ذاته وكل جديد يزيد الاجتماع تصاعداً وتحركاً إلى الأمام..).rnمقدمات التغييران التغيير لايمكن ان يتحقق دون وجود عناصر ومقدمات اساسية يمكن ان تساهم في تحقيق هذه العملية ومن هذه المقدمات والعناصر:1- وجود الحريات والتعددية فمما لاشك فيه بان من أهم أرضيات التغيير هو وجود الجو المتسع لطرح الآراء وإطلاق الكلمة الحرة, فلابد من أن يجد أهم مقدماته متمثلة بإخراج المجتمع من ظلمة الاستبداد الى نور الحرية, فلا يمكن لشعب أو لأمة التفكير بتطوير نفسها ومواكبتها الحضارات العالمية إذا كانت تحت تسلط حكومات لا تريها سوى عصا الخوف وجزرة الطاعة.هذه الأنظمة الفاسدة التي تحاول قمع الشعوب والأمم وجعلها في أسفل الجب دائما, أصبحت اليوم من اكبر العقبات أمام التغيير الإنساني, ولعل ما شهده العراق من انغلاق عن العالم الخارجي دام لثلاث وخمسون عاما تقريبا اكبر دليل على طريقة احتجاز الشعوب عن التواصل مع باقي الأمم.مؤسّسة "فريدوم هاوس" المهتمة بالشؤون الديمقراطية نشرت تقريرا مفصلا عن حالة الأنظمة الفاسدة والدكتاتورية في العالم جاء فيه: (إن أنظمة دكتاتورية براغماتية او غنيّة بالطاقة وذات توجّه نحو السوق… تحاول أن توظّف قوى السوق وفي نفس الوقت تحتفظ بنظام سياسي منغلق فتستمّد سطوتها الاقتصادية القوية من خلال النفط أو الرساميل او الفوائض التجارية الطويلة الأجل).وكانت المنظمة قد صنفت عام 1977ما نسبته 28 % من بلدان العالم على إنها بلدان فيها حرية, وارتفعت هذه النسبة الى 35 % وفي 1987 ازدادت لتصل الى 42 % وفي 1997 وصلت الى 47 في المئة في نهاية 2007.2- تحليل وفهم معطيات واقع المجتمع المستهدف للتغيير وما سيواكب العمل من متغيرات مع استمرارية البحث والتدقيق في كل مرحلة, فلا يمكن التغيير وفق معطيات ثابتة لزمان محدد أو مكان واحد دون مراعاة باقي الجهات المجانبة في الحياة والمتداخلة في المسير. 3- تحديد الهدف الرئيسي من التغيير, فلكل حركة هدف ولابد أن يكون عنوان التغيير واضحا يفهمه البسطاء فضلا عن المفكرين فالغموض يربك الجميع ويمهد لفشل المشروع والمقولة الشهيرة بان (الناس أعداء ما جهلوا) كفيلة بالقضاء على أي تغيير إن كانت تشوبه الشبهة أو الضبابية في الأهداف.4- التدرج في مراحل التغيير بنسب معينة وحسب الأجواء المحيطة وبعيدا عن إيجاد تغيير الصدمة, فالثقافة الإنسانية كما قلنا سابقاً هي حصيلة تراكم تاريخي متشبث في أعماق النفس لا يمكن تغييره بسهولة, بل لابد من التدرج الطبيعي القائم على مبدأ الإقناع والتبصير.5- تحديد وترتيب ملامح التغيير (علميا ,ثقافيا,فكريا) فل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram