إياد الصالحي
قُضيت خمس جولات أمس السبت الثامن والعشرين من تشرين الثاني 2020 من مشوار دوري الكرة الممتاز للموسم 2021-2020، ولم يزل رئيس وأعضاء الهيئة التطبيعية المكّلفة بإدارة شؤون الكرة العراقية يضعون أيديهم على قلوبهم من حين الى آخر قلقاً لقرار مفاجئ ربّما يتّخذه أحد الأندية غير المغّطاة مالياً حكومياً أم خاصاً بإعلانه الانسحاب من المسابقة، وافساده حلاوة المنافسة .. بعذر مشروع!
قلق التطبيعية المُدركة لظروف جميع الأندية - بمن فيها التابعة لوزارات أو مؤسسات - يُقابله حرص من إداراتها على إدامة زخم الاستمرار للجولة الواحدة "خارج الأرض" من المسابقة التي تتطلّب التنقّل والمبيت في الفندق وتوفير وجبات الطعام الجيدة، وهي أمور ليست سهلة تستلزم مبالغ لا تقل عن ستة ملايين دينار للنادي المتمكّن بميزانيته ونصف هذا المبلغ أو أقل منه لأندية بالكاد توفّر فندقاً بائساً مع وجبات غذائية أقل كُلفة لتمشية استحقاق الدوري والعودة الى المحافظة بحثاً عن مصدر تمويل الجولة اللاحقة!
وقبل ذلك، ولسنوات طويلة ظلّت الأندية الفقيرة تترقّب طوق النجاة على يد رجال الأعمال لمساعدتها في تدبير متطلّبات الالتزامات الواجبة مع اتحادات رياضية مختلفة ومنها كرة القدم، وتحقق مُراد أحّدها (نادي الديوانية) فمنذ شهر تقريباً، انشغل الإعلام الرياضي بتواجد رجل الأعمال حسين العنكوشي، رئيس النادي، المُنتخب خلفاً للرئيس المستقيل سعد خزعلي في الرابع والعشرين من أيلول عام 2019، وهي انعطافه ليست جديدة في تاريخ الأندية حيث سبق العنكوشي رجل الأعمال عبدالسلام الكعود الذي مسك إدارة نادي الطلبة خلال فترتين، مرة نائباً لرئيس النادي (1994-1997) والثانية رئيساً له (2003-2005) منفقاً مليون دولار دون أي مقابل حسب تصريح سابق له، وهناك مموّلون كُثر عملوا طواعية على دعم فرق كرة القدم فقط، وذهبت بقية الألعاب ضحية وضع الأموال كلها في سلّة عقود مدربي ولاعبي تلك الفرق!
هذان نموذجان فريدان عن ناديي الديوانية والطلبة في تاريخ الدوري العراقي، وماذا عن بقية الأندية؟ تساؤل طرحه عضو اتحاد الكرة الأسبق محمد جواد الصائغ في مهاتفته لنا مساء الخميس السادس والعشرين من تشرين الثاني الجاري، مطالباً بدورٍ فاعل للإعلام الرياضي في إنقاذ الأندية الفقيرة، ومستشهداً بتجربة رئيس نادي الديوانية، ومُذكّراً بما مرّ به من ظرف صعب إبان توليه رئاسة نادي النجف عام 1995 وتعرّضه الى أمر ببيع داره في حي الغدير بمحافظة النجف بالمزايدة حسب كتاب المصرف العقاري/ النجف 633 في 19 حزيران 1997 لعدم سداد قيمة الاقتراض المخصّصة لتمويل أنشطة النادي! أي تضحية أقدم عليها الصائغ من أجل إدامة أنشطة النادي في الزمن التسعيني العصيب، مُجازفاً بمصير عائلته دون أن يقف معه أحد، حتى أنفرج الأمر القاهر على الصعيد الشخصي، لكن واقع نادي النجف ظلّ يرزح تحت مزاج الإدارات المتعاقبة بانتظار الدعم دون أي تحرّك استثماري يؤمّن ميزانيته حُرّةً.
نقترح هنا أمام مسؤولي الأندية جميعاً وخاصة التي تعاني عسراً مادياً، أن يدرسوا مشروع تأسيس (شركة الاستثمار الرياضي) بتحالف مجموعة من رجال الأعمال المهتمين بمصالح مُدنهم على سبيل المثال أندية (النجف والديوانية والسماوة والقاسم وزاخو) وربما تلتحق بهم أندية أخرى تواجه مصاعب كبيرة في تأمين الأموال، وإن كانت مرتبطة بدوائر رسمية عطفاً على الواقع الاقتصادي الذي يمرّ به بلدنا من جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط.
ولا بأس أن تُعرَض مسودّة تأسيس (شركة الاستثمار الرياضي) على وزارة الشباب والرياضة لبيان رأيها، طالما أن الغاية هي تخلّص الدولة والوزارات والمحافظات والمؤسّسات شبه الحكومية من أعباء مالية ثقيلة لم تعد تقوى على تحمّلها، كما أنها ليست مُجبرة على رصد مليارات الدنانير كل عام على عقود خمسة وعشرين لاعباً ينتهي نشاطهم بعد خوضهم ثمانية وثلاثين مباراة خلال ستة أو سبعة أشهر!
نعتقد أن مقترحاً كهذا يتماشى مع الأفكار الرائجة لدى رؤساء الأندية ووزير الشباب والرياضة الكابتن عدنان درجال بضرورة اتخاذ قرار جريء يحوّل الأندية الى شركات مملوكة لرجال أعمال كأفراد أو جماعة وفقاً لنظام المساهمين المدّخرين ممّن يحق لهم تلقي حِصَص من الأرباح، ويمكن فتح باب عضوية الهيئة العامة للنادي لجميع شرائح المجتمع لتكون المساهمة واسعة والنتائج كبيرة بقيمتها المالية وإضافاتها النوعية.