TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الدم العراقي الرخيص

العمود الثامن: الدم العراقي الرخيص

نشر في: 28 نوفمبر, 2020: 09:03 م

 علي حسين

غريبة أخبار هذه البلاد التي يراد لها أن تكون حلقة في ذيل اهتمامات أنقرة وطهران، فبينما تقرر بريطانيا "الإمبريالية" تعيين العراقي ناظم الزهاوي وزيرًا مسؤولًا عن توزيع لقاح كورونا في بلاد الملكة إليزابيث التي لم تقل يومًا إنها وريثة السماء، ولم تطلب من الناس الهتاف بحياتها، يسود الصمت في أروقة الحكومة والبرلمان حول مقتل شباب في مدينة الناصرية..

وأتمنى عليك أن لا تسألني عن القضاء، فمهمته حماية المسؤول والتنازل عن حق المواطن في العيش بأمان وكرامة. وفيما العالم منشغل بأخبار لقاح فايروس كورونا، فأننا منشغلون بصولات وجولات الجماعات المسلحة التي سمحت لها الحكومة بأن تصبح بديلًا للقانون، ليس مهمًا عدد الضحايا، ما دمنا نعيش في ظل جمهورية "أصحاب التقوى"، ما دام البعض يعتقد أننا بحاجة إلى إعادة ضبط منظومة الأخلاق، لا منظومة التعليم والصناعة ، فنحن الشعب الوحيد الذي يضحك عندما يقرأ خبرًا يقول إن الرئاسات الثلاث اجتمعت وتدارست وقررت أن تعلن "حصر السلاح بيد الدولة".. أما كيف، والسلاح مزدهر بجميع أنواعه: قنابل يدوية، رشاشات، صواريخ، وأخيرًا سكاكين وهراوات.

يا سادة "السلاح بيد الدولة" هذا أقصى ما تتمنّاه الدولة العراقية ، وأقصى ما نُفرح به هذا الشعب الذي ظلّ ساهرًا ليعرف ماذا سيقول البرلمان عن كارثة الناصرية ، إنسوا أنّ القوات الامنية في ساحة الحبوبي طبّقت بامتياز حكمة "لا أرى لا أسمع لا أتكلّم.

كلّ أرقام أخرى مرفوضة ومكروهة، لأنها جزء من المؤامرة الدولية على التجربة الديمقراطية في العراق! لاحِظ جنابك الكريم أنّ الحكومة شكلت لجنة تحقيقية في احداث الناصرية ، وهذه اللجنة ستحيلها الى اخرى والتي ستحيلها إلى ادراج احد المكاتب لتسجل ضد مجهول .

نعم أيها السادة أصبح الدم العراقي رخيصًا، والسبب نتحمله جميعًا، لأننا بعد أيام سننسى جريمة الناصرية هذه، مثلما نسينا ما جرى في ساحة التحرير والنجف وقبلها نسينا كارثة جسر الأئمة وتفجيرات الكرادة، فلا تهتمّ عزيزي القارئ، لأنّ كلّ الذين شغلتهم هذه الجريمة سيستخدمونها مادة في مناورات تشكيل الكتلة الأكبر، وسيخلدون إلى النوم العميق بعد أن يوهموا عوائل الضحايا بأنهم سيقتصون من القتلة .

للاسف منذ اليوم الاول لتظاهرات تشرين عام 2019 والبعض يحاول تجريب اسلحة للقضاء على روح الاحتجاج عند الشباب ، لكنها جميعا لم تفلح هى فى تحقيق الهدف المنشود ، فى البداية سخروا من المتظاهرين واستخفوا بهم بالقول إنهم مجموعة من " الجوكرية " ، وبمرور الوقت نجح هؤلاء الشباب في فرض واقع سياسى على جميع احزاب السلطة ، وأثبتوا أن تظاهرات تشرين لم ولن تمر كنزهة أو نزوة عابرة ، والأهم لن تسمح باختطاف العراق من جديد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram