علي حسين
غريبة أخبار هذه البلاد التي يراد لها أن تكون حلقة في ذيل اهتمامات أنقرة وطهران، فبينما تقرر بريطانيا "الإمبريالية" تعيين العراقي ناظم الزهاوي وزيرًا مسؤولًا عن توزيع لقاح كورونا في بلاد الملكة إليزابيث التي لم تقل يومًا إنها وريثة السماء، ولم تطلب من الناس الهتاف بحياتها، يسود الصمت في أروقة الحكومة والبرلمان حول مقتل شباب في مدينة الناصرية..
وأتمنى عليك أن لا تسألني عن القضاء، فمهمته حماية المسؤول والتنازل عن حق المواطن في العيش بأمان وكرامة. وفيما العالم منشغل بأخبار لقاح فايروس كورونا، فأننا منشغلون بصولات وجولات الجماعات المسلحة التي سمحت لها الحكومة بأن تصبح بديلًا للقانون، ليس مهمًا عدد الضحايا، ما دمنا نعيش في ظل جمهورية "أصحاب التقوى"، ما دام البعض يعتقد أننا بحاجة إلى إعادة ضبط منظومة الأخلاق، لا منظومة التعليم والصناعة ، فنحن الشعب الوحيد الذي يضحك عندما يقرأ خبرًا يقول إن الرئاسات الثلاث اجتمعت وتدارست وقررت أن تعلن "حصر السلاح بيد الدولة".. أما كيف، والسلاح مزدهر بجميع أنواعه: قنابل يدوية، رشاشات، صواريخ، وأخيرًا سكاكين وهراوات.
يا سادة "السلاح بيد الدولة" هذا أقصى ما تتمنّاه الدولة العراقية ، وأقصى ما نُفرح به هذا الشعب الذي ظلّ ساهرًا ليعرف ماذا سيقول البرلمان عن كارثة الناصرية ، إنسوا أنّ القوات الامنية في ساحة الحبوبي طبّقت بامتياز حكمة "لا أرى لا أسمع لا أتكلّم.
كلّ أرقام أخرى مرفوضة ومكروهة، لأنها جزء من المؤامرة الدولية على التجربة الديمقراطية في العراق! لاحِظ جنابك الكريم أنّ الحكومة شكلت لجنة تحقيقية في احداث الناصرية ، وهذه اللجنة ستحيلها الى اخرى والتي ستحيلها إلى ادراج احد المكاتب لتسجل ضد مجهول .
نعم أيها السادة أصبح الدم العراقي رخيصًا، والسبب نتحمله جميعًا، لأننا بعد أيام سننسى جريمة الناصرية هذه، مثلما نسينا ما جرى في ساحة التحرير والنجف وقبلها نسينا كارثة جسر الأئمة وتفجيرات الكرادة، فلا تهتمّ عزيزي القارئ، لأنّ كلّ الذين شغلتهم هذه الجريمة سيستخدمونها مادة في مناورات تشكيل الكتلة الأكبر، وسيخلدون إلى النوم العميق بعد أن يوهموا عوائل الضحايا بأنهم سيقتصون من القتلة .
للاسف منذ اليوم الاول لتظاهرات تشرين عام 2019 والبعض يحاول تجريب اسلحة للقضاء على روح الاحتجاج عند الشباب ، لكنها جميعا لم تفلح هى فى تحقيق الهدف المنشود ، فى البداية سخروا من المتظاهرين واستخفوا بهم بالقول إنهم مجموعة من " الجوكرية " ، وبمرور الوقت نجح هؤلاء الشباب في فرض واقع سياسى على جميع احزاب السلطة ، وأثبتوا أن تظاهرات تشرين لم ولن تمر كنزهة أو نزوة عابرة ، والأهم لن تسمح باختطاف العراق من جديد .