علي حسين
الأجهزة الأمنية التي تتحرك بخفة الفراشة حين تشم رائحة قنينة بيرة في سيارة مواطن ، وتصدر بيانًا بانتصارها، ولا يستفزها مقتل شباب بعمر الورد، هذه أجهزة مدمرة للعدل وللأخلاق وللطبيعة الإنسانية.
الأجهزة الأمنية التي وقفت طوال تظاهرات تشرين متفرجة على الدماء التي سالت في ساحات الاحتجاج، بزعم أنها تمارس فعل الحياد، مثل هذه الأجهزة آخر من يتحدث عن الأمن والأمان. مثلما النواب الذين يتحركون بخفة الفراشة للحصول على عقود ومناقصات، ثم نشاهدهم على شاشات الفضائية يذرفون الدمع على الأموال التي نُهبت، مثل هؤلاء النواب يدمرون السياسة بعد أن دمروا مفهوم النزاهة والأمانة وخدمة الوطن.
ومجلس النواب الذي يصر على أن أفضل من ينشر النزاهة في العراق هو النائب حمد الموسوي، الذي تحول في الأشهر الأخيرة إلى مقاوم للأمريكان، وأن أفضل من يدير لجاننا المالية نائب بحجم مثنى السامرائي، الذي لفلف من قبل وبنجاح عقود وزارة التربية ولسنوات من خلال علاقة الود التي ربطته بسليم الجبوري ووزير التربية آنذاك محمد إقبال، كما أنني أخجل أيضًا من أن أشغلكم بأخبار لجنة التربية البرلمانية التي يرأسها النائب ياسر المالكي، فكل هذه المشاهد تبين للمواطن كيف يكون عليه مستقبل هذه البلاد، إذن نحن أمام مؤشر حقيقي على أن الانحياز "للخراب" صناعة برلمانية بامتياز.
يتحدّث معظم السادة النواب، عن النزاهة، وهذه مسألة بحاجة إلى تحليل من خبراء علم النفس. لا يوجد شيء واحد أكثر بشاعة من القتل سوى الفساد، لذلك هناك قاعدة واحدة للنزاهة، إما الدفاع عن حقوق الناس البسطاء، وإما الاتجار بالعملة في بنوك عمان وبيروت. وهناك شرط واحد للوطنية، هو الإيمان بالوطن، وهذه قضايا لا تقبل استثناءات.
ليست هذه المرة الأولى التي يسقط فيها البرلمان بامتحان النزاهة، فقد فعلها قبل سنوات حين مهّد الطريق أمام هروب فلاح السوداني، وحين صمت على سرقات وعمولات مشعان الجبوري، وعندما كافأ حسين الشهرستاني على ضياع مليارات الدولارات من عقود النفط والكهرباء، وغض النظرعن هروب ماجد النصراوي إلى أستراليا.
في كل مرة يجد المواطن نفسه على موعد مع أسوأ الخطابات التي تبرّر السرقة وتحلّل نهب المال العام، تلك الخطابات والهتافات التي هزج بها العديد من أعضاء مجلس النواب وهم يهتفون بنزاهة وأمانة قراراتهم الكوميدية!.
في الطريق إلى العصر العراقي الجديد، نتأمّل حال العراقي اليوم ونجد أننا نعيش عصر فائض اللصوص، مع الاعتذار للمرحوم كارل ماركس ومصطلحه الشهير "فائض القيمة" .وغدًا سنكتب في كتب التاريخ بعد أن ينهبوا البلد، أننا كنا نحلم بوطن لا يباع في مزادات الانتخابات. ولكن ماذا نفعل؟ البقاء للصوص.